إذا كان الجميع في الكويت يتحدثون ويعبرون وينتقدون ويحللون ويدّعون الصواب والفهم الصحيح.
إذا كان أي أحد في الكويت يعبر وينتقد ويحلل ويقنع الآخرين بوجهة نظره.
إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي منبر من لا منبر له يقول فيها كل من شاء ما شاء.
إذا كان المسؤولون في الكويت يخافون ويحذرون من مواقع التواصل الاجتماعي.
إذا كان جميع الأطراف المختلفة كل منها يقسم على ما لديه من معطيات بحق او بغير حق.
فكيف نعرف الحقيقة إذاً؟
كيف نعرف هل أنجزت الحكومة أم لا، وهل إنجازاتها حقيقة أم سراب؟ وهل ما يذكره الوزراء ورئيس الوزراء حق ملموس إذا ما أخذ كل منهم فرصته؟ وهل نية التغيير حاضرة وبقوة لدى أصحاب القرار؟
وما مدى استفادة الشارع من أجندات الحكومة وبرامجها؟ وكيف نقيّم كل وزير أو وزارة على حدة؟ وكيف نقيّم بعدها مجموع الوزراء ورئيسهم؟
كل تلك التساؤلات تقودنا إلى هذه الأطروحة وسأبسطها قدر الاستطاعة لتكون في متناول الجميع.
الموضوع في حقيقته لا يختلف تماما عن تقييمات الناس السلعية أو الخدمية - أي المرتبطة بخدمة أو سلعة ما، فمثلا إذا أردت أن تختار مدرسة أو ناديا أو شركة أو موقعا أو غيرها لأي غرض ما - لنفترض هنا أنك تفعل ذلك لأول مرة - كمثل أن تشتري شيئا ما من متجر أو مطعم أو ما شابه وليست عندك معطيات من ثقة عنه، وقرأت تعليقات الناس ستدخل نفقاً مظلماً، فالبعض يمدح والآخر يذم وكل له وجهة نظره، ولا تدري الذي يمدح هل هو محسوب على المتجر أم أنه حر في تعليقه والذي يذم لا تعرف أهو محسوب على خصوم المتجر أم أنه يقيم بحرية ولا تدري أي تلك التعليقات يلامس شخصيتك وطبيعتك، وما تبحث عنه فالأمر صعب للغاية حينها، ولا وسائل للمساعدة فإذا اعتمدت الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قد تقع فريسة المبالغة والدعاية المضللة وإذا لم تقبل قد تخسر الأفضل كذلك فكيف يكون الحل حينها؟
هل التجربة الصفرية - التي لم تسبق إليها وليس لديك من المعطيات ما يكفي عنها- سبيل حكيم؟ لكنها ستكلفك الكثير من وقت وجهد ومال وتفكير، خصوصا إذا كان الأمر مصيريا ويصعب التخلص من تبعاته بسهولة، فكيف إذاً يكون الحل المتوازن؟
هنا سنضرب مثالا بارعا في موقع متخصص في التقييمات وهو Trust Pilot وهو موقع دنماركي متخصص في مراجعات المستهلكين، وعلى أي شخص يريد التقييم والمراجعة التسجيل أولا والتأكد من هويته ومن ثم التأكد من الـ ip address الخاص به حتى يضمن عدم تكرار التعليق من ذات الشخص كمرحلة أولى ويضمن أن التقييم من شخص له كيان حقيقي واعتباري وليس روبوتاً أو شخصا مزيفا وهميا ثم تقوم الشركة وحسب خوارزميات متعددة في إجراء تحليلات متخصصة لتلك التقييمات للبحث عن دوافع كل تقيم على حدة.
أنا هنا لا أقول إن الموقع لا يخطئ أو «يحابي»، بل وقد يخفي جزءا من الحقيقة ولكنه أيضا يقارب نسبة صواب ومصداقية عاليتين ودون الغوص الكبير في آلية خوارزميات التقييم والفرز، فإن هذه الفكرة قد تساعد كثيرا في أخذ التقييمات بشكل أكثر حيادية، وهنا تلح الفكرة وهي تجربة فريدة بمقاييس خاصة وكويتية قد تكبح جماح بعض الذين باتوا يتكلمون لمجرد الكلام فقط وينتقدون لمجرد الانتقاد فقط، فحينما يعلم المتكلم أو الناقد أن ما يقوله يخضع للتقييم والمراجعة وسيتم نشر تعليقه مع نسبة دقته ودوافعه، حينها سيفكر الجميع في نقد حقيقي بنّاء يبني دولتنا الحبيبة وينطلق مع ركب أي مصلح حقيقي لا يخاف «تويتر» أو غيره ولا يعيقه مشهور أو مغمور.
فالاقتراح إذا هو بناء خوارزميات لتقييم الأداء الحكومي من خلال الرقم المدني مثلا أو تطبيق «هويتي» بشكل رسمي مبهر وعالي المصداقية ويعكس رأي المواطن والمقيم على خدمات مؤسسات الدولة وليس من خلال أسماء لا نعلم من وراءها.