بقلم: طارق محمد الفريح
بعد الإبحار في محيط التساؤلات وهيجانه الذي لا يهدأ، قد تجد نفسك ترسو على ميناء المجهول، وقد تجد الإبهام والغموض يكتنفك والمكان، حينها أرجوك بالإسراع في قتل الجزع الذي سيطل بوجهه ليمارس عادته مع كل تائه، وهي سرقة الشغف وقتل الطمأنينة، فيجب أن تعلم بأنك كما الرحالة تماما، خلقت لتحيا هذه المغامرة، ولتبحث عن الحقيقة التي لن تكتشف صورتها الكاملة مهما بلغت، حياتك ليست كما تتوقع أن تكون، أو كما ترغب أنت أن تكون، حياتك هي ما ستعيشه في هذه الرحلة، وتطورها أو تراجعها يقف على ما ستقرره في كل حين، ومن ستعطيه الصلاحيات الكاملة في قيادة الدفة، هل جسدك المادي؟ أم جسدك اللامرئي؟ فلكل منهما طريقه وأهدافه وسحره الجاذب، أحدهما يرغب بالأجور المؤقتة، والآخر بالأجور اللامتناهية، يتصارعان دوما على امتلاكك، ولن يتوانيا في ذلك البتة، حتى تصل لمحطتك الأبدية، والتي حينها سيتحلل المادي في جوف الأرض، والآخر سيرحل إلى السماء عند خالقه، وذلك ليحاسب على ما فعله بك، حيث انه من الواجب عليه أن يتقاسمك مع زميله المادي، وليس أن يتملكك بشكل كامل أو غالب، أو يتنازل أحدهما عنك للآخر بمحض إرادته، فلكل منهما دوره الأساسي في حدوده مناصفة، وفي حالة تعدي أحدهما على الآخر يختل وجودك ويضطرب، وتصبح عالة تدفع بالأزمات والعقبات والدمار، بدلا من الانفتاح والتطور والإعمار، فأنت النقطة المطلوبة، أنت مكمن المشكلة المصطنعة والحل الطبيعي، أنت العنصر المتناغم مع الوجود، بل والجزء الذي لا يتجزأ منه، أنت الذي يجب عليك أن تفعل دورك، أنت الذي يجب عليك أن تتمرد على السطوة، أنت سبب كل ضحية من ضحايا الحرب الدائرة عليك، أنت سبب الدمار الذي حل بهذا الكوكب لأنك معطل من قبلهم برغبتك، أنت الذي لم يوجدك الخالق هكذا لمجرد الوجود، أنت مركز التحكم الصغير في الأرض التابع للمركز العظيم في السماء والخاضع له، أنت الذي تكبح جماح الشر، وتعلي من شأن الخير، أنت الذي تنشر السلام والوئام، وتحد من القتال والكراهية، أنت الذي تنبذ التطرف والتفرق العرقي والعقائدي، وتحافظ على وحدة النسل، أنت الذي ترحم الحيوان، وتعتني بالنبات، وتحافظ على البيئة، وتسحق كل ما من شأنه أن يضر أحدا مما سبق ذكره، أنت المؤتمن من الخالق على هذه الأرض ومن يقطنها، ولتعلم أنك الوحيد الواجب عليك تحطيم تلك الأغلال التي تكبلك، وقطع الطريق على كل من يرغب في الوصول إليك، فأنت تمتاز بالاستقلالية والحرية، وانفجارك وتحررك هو الذي سيصلح ما أفسده المتقاتلون، وسينهي تلك الحرب المهلكة، نعم إنه أنت، أنت الفطرة الطبيعية، أنت أيها الإنسان المعتقل بذواتنا!
[email protected]
tareq_al_freah@