جمعتني قبل أيام جلسة مع أصدقاء كانوا يتناقشون في أمور ذات طابعين، دنيوي وأخروي، وطلبوا مني إبداء الرأي ونشره في جريدتنا العزيزة «الأنباء».
كانوا يتناولون موضوعين: الأول نرى من يسرق ويختلس من المال العام باستغلال منصبه ونفوذه، يعيش - كما يبدو لأصدقائي - ليس فقط بل وحتى عائلته وأحفاده في رغد العيش وبحبوحة في الرزق، بل إن بعضهم إذا دخلوا مجالس يُستقبلون استقبال الأشراف والناس تعرف ماضيهم، فعندهم القصور والسيارات والملابس وسفرات... إلخ.
والصنف الثاني هم من يعملون بجد ونظافة يد ويكاد راتبهم يكفيهم، وليس لديهم ما يملك الصنف الأول.
فأجبتهم بادئ ذي بدء ان الله سبحانه وتعالى يوزع الأرزاق ويقدر - اي يمنع، لحكمة وعدل لا نفهمهما نحن البشر، وأنه سبحانه يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، بيد انه سبحانه يعطي الآخرة لمن يحب.
فالصنف الأول قد أعماهم أخوهم إبليس وجنده عن منارات الحق، وزين لهم شهوات الدنيا بالحرام، فاستجابوا لهم، فأملى الله لهم بكيده المتين، واستمروا في طغيانهم يعمهون (وهو عمى القلب). فتراهم بعد فترة في ذهول وتصيبهم وعائلاتهم امراض وفضائح ومشاكل دنيوية لا حصر لها، ومنهم من اعرف من أُدخل السجون ومنهم من اصبح طريد العدالة لاجئا من بلد إلى آخر، ويقحمهم الله بعد ذلك حتى في مشاكل وقضايا أسرية، لأنهم لم يفيقوا من سبات اهل الكهف في خيلاء الحرام وشهوة الفحش والفجور.
وأضفت لهم قوله تعالى (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون).
أليس في فحوى هذه الآية رد أبلغ من ذلك، وأضيف في هذا المقال: هل كان احد يتوقع ان تجر أسماء أمراء ومسؤولون سعوديون إلى الاحتجاز وتصادر أموالهم؟ أليس هذا هو ذات مصير قارون، كما ورد في سورة القصص؟ أما في الآخرة فعلمها عند خالق الخلق، ولنا ان نذكر ما ورد في سورة آل عمران (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) ولو كان خطام بعير، قال تعالى: (وأملي لهم إن كيدي متين).
أما من صبر واتقى حرمات الله، وأغدق على أهله المطعم والملبس الحلال، فإنه لا جرم قد وقاهم أن تكون أجسامهم للنار وقودا. ألا يكفي أن تشعر بلذة العيش عندما تتجمع حولك عائلتك وأنت تنهل وتشرب ماء زلالا حلالا؟ وإن كانت سيارتك بالأقساط، وقد لا تسافر إلا بالكاد ولم تقطع صلاتك ولا صيامك وتساعد المحتاجين وتسعى في مساعدتهم، فإن ذلك سيكون مدلوله، لا ريب، على أولادك بالصحة والزواج السعيد والذرية الصالحة إن شاء الله.
فمن صبر وشكر فأجره على الله.. وكفى بالله وكيلا.
[email protected]