[email protected]
كتاب خطير تكمن خطورته في كيفية التعامل مع هذا الكتاب النوعي المتخصص الذي ألّفه كل من جيري فودور وماسيمو بيتالي بالماريني.
هذا ليس كتابا عن الله ولا عن التصميم الذكي، ولا عن مذهب الخلقية، فكلاهما لا يؤمن بأي من هذه الأشياء، بمعنى أوحد كما فهمت حتى عند الذين لا يعرفون ما هي الداروينية تماما أصبح إعلان الولاء للداروينية هو الاختبار المعياري كاختبار الحمض بورقة عباد الشمس - الذي يحدد إن كان المرء يتمتع برؤية كونية (علمية صحيحة) أم لا؟
ويقال لنا: عليك أن تختار إما الإيمان بالله أو الإيمان بداروين!
إن أردت أن تكون علمانيا من أنصار المذهب الإنساني: Humanist، فعليك أن تختار الأخير.
هذان الخياران يستغرقان حصريا كل الخيارات المتاحة، وهذا يعني أن تكون علمانيا ومن أنصار المذهب الإنساني وأن تزعم الإلحاد الكامل ومشبع حتى النخاع دون تحفظات، وسنبحث بعمق عن تفسيرات طبيعية تماما لحقائق التطور كما تكون التفسيرات العلمية عادة ونفترض أن التطور عملية آلية بالتمام والكمال ولا تؤمن بذلك فقط لكي نستبعد دور الأسباب الإلهية ولننفي دور الأسباب المطلقة والقوة الحيوية والأرواح أو قوى التحقق وتدخل الكائنات الفضائية.. إلخ، ويتفق هذا مع منهج داروين في مناقشة قضية التطور.
الكتاب بمعظمه كتاب ناقد، ما يتحدث عنه هو الأشياء التي نعتقد أن الداروينية قد أخطأ فيها ويقدم تلميحات قبل نهاية الكتاب الى أين يحتمل وجود بديل مناسب إضافة الى الإشارات العامة جدا.
من ثقافتي العامة الخاصة بالفكر الإلحادي هناك تياران للنظر في التطور: الداروينية التي تعتمد على الوظائف والتكيفية وتيار البنيوية الذي يرى التطور ثمرة لبنية الكون أساسا وليس نتيجة عمليات عشوائية توجهها الوظيفة الملائمة للبقاء، وكتاب (التطور) لا يزال نظرية في أزمة لمايكل دنتون يوضح هذا التوجه.
فرضيات يعرضها الكتاب تحتاج الى إنسان مدرك لخلفية البيولوجيا العميقة في نظرية التطور مع بيان أصولها العامة وبيان الافتراضات والمسلمات ومواضع التناقض والاستثناء غير المعلل والرغبة في البعد عن الأسباب العقلية كتفسير لتطور الأنماط الظاهرية بدءا بداروين نفسه!
هذا الكتاب يحتاج قارئه الى فهم أساسيات في الفلسفة والمنطق حتى تتحقق الاستفادة التامة من الأفكار المطروحة وهل يشكل إضافة عميقة للسجال الدارويني والتطوري لمساسه بجانب كثير مما يغفل عنه العلماء في أبحاثهم التفصيلية (المنهجي - الفلسفي) والكتاب يعين طرفي الخلاف على تفهم عمق المسألة وتعالقها واشتباكها مع حقول معرفية متعددة وهو كفيل بجعل الباحث المنصف أكثر أناة وأشد حذرا عند نقاش النظرية!
والله.. إنه جهد يشكر عليه الفريق العلمي في مركز «رواسخ» لطرحهم هذه النظرية التي ستظل محل تجاذب المدارس المتنوعة بيولوجيا وفلسفيا وإنسانيا!
هذا الكتاب:
يوجه لنظرية التطور الداروينية (الجديدة)، شقان منفصلان لكنهما مرتبطان: فهناك التفسير التاريخي لسلالات الأنواع، وهناك نظرية الانتقاء الطبيعي NS.
إن الأطروحة الرئيسية لهذا الكتاب هي أن الانتقاء الطبيعي نظرية خاطئة، ولا أمل في إصلاحها، فليست لدينا مشكلة مع نظرية سلالات الأنواع: إذ من المحتمل جدا - بل لعله الأرجح - أن تكون نظرية سلالات الأنواع صحيحة، وإن كانت نظرية الانتقاء الطبيعي خاطئة، ولذلك فإننا مستعدون تماما - على الأقل لمصلحة النقاش في هذا الكتاب - ان نقبل بأن أغلب الأنواع أو كلها ذات أنساب مرتبطة تاريخيا وربما تنحدر جميعا من سلف بدائي مشترك وانه قاعدة ثابتة - كلما زاد التشابه في الأنماط الظاهرية بين نوعين كان السلف المشترك لهما أقرب.
إلا أن قولنا إن نظرية سلالات الأنواع ونظرية الانتقاء الطبيعي مستقلتان عن بعضهما لا يعني أننا نفترض أنهما غير متصلتين.
فكّر في نظرية سلالات الأنواع كشجرة أو شجيرة (Bush) تتكون من عقد ومسارات أغصان فتمثل كل عقدة نوعا، وكل نوع هو سلف لكل العقد التي تتلوه في المسارات وتبرز حينئذ الأسئلة: كيف أصبح تصنيف الأنواع: Taxonomy بالشكل الذي هو عليه الآن؟
ما الذي يحدد أي العقد توجد، ويحدد أي مسارات توجد بينها؟
وبشكل أدق ما العملية التي يتمايز بها النوع السلف حتى ينتهي به المطاف إلى تصنيف من الأنواع الأخرى؟
٭ ومضة: عزيزي القارئ الكريم: كتاب يستحق أن تطلع عليه خاصة أن «الداروينية» نظرية عميقة لها تأثيرها على علم النفس السلوكي!
ستبقى أجيال كثيرة تناقش النظرية الداروينية وتطورها البيولوجي لمؤلفها تشالز داروين (1809 - 1882) وطبعا ناصره علماء آخرون وجمهرة لا تزال تظهر عبر التاريخ تتكلم عن نظرية النشأة والتطور وانضم لهم عبر التاريخ الذي مضى (داروينيون عرب) يعدون من دعائم الكفر والإلحاد.
٭ آخر الكلام: كل الشكر والتقدير لمركز (رواسخ) الذي قدم للمثقفين والعامة وطلاب العلم هذه الكتب المترجمة والبحوث التأصيلية والحوارية، وأخص بالشكر الدكتورين اللذين قدما الكتاب د.محمد العوضي والأخ د.خالد عبدالرحمن الشايع على ردودهما المقنعة التي أعطت الكتاب زخما وتفنيدا لهذه النظرية وحوارهما الأمثل في الردود حول هذه القضية بطريقة علمية عقلية ومنهجية.
شكرا من القلب على هذه الجهود المباركة في محاولة وقف اجتياح الإلحاد للكويت والوطن العربي والعالم الإسلامي وهذا يتطلب تعاون الدول الإسلامية مجتمعة والمقترح أن تدعم هذه الجهات غير الحكومية لأنها نجحت في تقديم البديل لمعالجة الإلحاد!
٭ زبدة الحچي: في جائحة كورونا استغل الملحدون (الميديا) لنشر كفرهم وإلحادهم، وصار هناك خاصة في أوساط الشباب التفاخر بالقول: أنا ملحد!
هذا يحتاج الى ردود علمية وفلسفية ومنطقية ومنهجية وجدته في مركز «رواسخ» وهم بالفعل متخصصون في فهم أسباب الإلحاد وأنواعه وكيفية الرد على كل هذه الشبهات والجدليات وفق أسلوب علمي رصين.
أين أخطأ داروين.. بانوراما كتاب تعطيك ردا منطقيا علميا يملك الحجة لمن يريدون معرفة أين أخطأ داروين.. وداروين بشر، لأن كل بني آدم خطاء! وخير الخطائين التوابون.
في أمان الله..