[email protected]
عزيزي القارئ الكريم، لا تمت وبذمتك حسبة مالية لأحد!
لقد كان ابتلاء الناس عظيما في جائحة وباء كورونا، ولكنه أيضا كان اختبارا حقيقيا لـ «ذممهم المالية» وأماناتهم، ففي سنة الكورونا 1442هـ ـ 2020م حاول الفساد ان يتمدد مستغلا فرصة التهاء الناس بأمور دنياهم غير أن رحمة الله ببلدنا وشعبنا كانت عظيمة وتمحيصا لعباده مصداقا لقوله تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ـ العنكبوت: 2 ـ 3).
هناك 3 علاقات مالية للمسلم عليه ان يقوم بها على خير وجه: 1 ـ النفقة، 2 ـ المهر، 3 ـ الميراث.
لقد وجدت أن كثيرا من الناس يخلطون الأمور في هذه القضايا وهي لا بد من أن يمر بها الإنسان في حياته، وهذا يتطلب تطبيق شرع الله لا هوى نفسه وشيطانه أو المشايخ الذين يفتون له حسب مزاجهم «انت عايزها إزاي»؟!
1 ـ النفقة.. معروفة وهي الأموال التي يقدمها الشخص لرعاية والديه وزوجته وأبنائه من طعام ومشرب وملبس وهي ملزمة للزوج، وعليه أن يصرف على زوجته وعياله وأبويه إذا كانا غير قادرين أو إخوانه أو أيتامه، وهذه النفقة لها أصول متعارف عليها، واذا وقع الطلاق مثلا تبعه بطلان الآثار المترتبة عليه ومنها وجوب النفقة.
واليوم المحاكم تضج بقضايا الأحوال الشخصية وإلزام الأزواج بقضايا النفقة حسب الحكم الصادر وغالبا ما يكون للزوجة.
2 ـ المهر.. هو ما يقدمه الزوج لزوجته من مهر يدفع أو مؤخر يسجل في العقد ليدفع بعد الطلاق أو ما فيه مؤخر بالأساس!
والمهر يختلف من زيجة الى أخرى، فهناك من المواطنين من يكتفي بالمهر المقرر الذي يتسلمه من الدولة وقدره 6 آلاف دينار تقدم للزوج (الكويتي والكويتية) من المواطنين مرة واحدة في العمر، وعلى الزوج أن يسلمه للزوجة قبل عقد القران، وإذا كان هناك مؤخر يسجل في العقد ويدفعه الزوج في حال وقوع الطلاق، ولا تجوز المماطلة في دفع المهر او المؤخر لأن هذا حق الزوجة.
3 ـ الميراث.. عندما يموت الإنسان المسلم على سبيل المثال وله عقارات وشركات وأموال نقدية يتوقف الصرف من خلال بطاقة الصرف الآلي، ثم تصرف الأنصبة حسب الشرع من «القسام الشرعي» حسب القواعد والأصول المحددة في جدول المواريث.
وقد بين العلماء أن استحقاق «القريب» للمال الذي تركه قريبه المورّث لا يكون الا عند تحقيق شروطه وانتفاء موانعه، ومن اهم هذه الشروط «اتحاد الدين» بين الوارث والموروث، فالمسلم لا يرثه الا مسلم، وفي هذا الباب تفصيلات طويلة، وعلى الوارث أن يتقي الله في أهله، خاصة أن كان ذكرا، وعلى الورثة ألا يغيب عن بالهم تقديم عمل خيري مثل بناء مسجد او دار للأيتام او مستوصف او معهد او حفر بئر لهذا الميت، وقد حفظت الشريعة الإسلامية الغراء تقسيمات الميراث حسب الحصص الشرعية، لأن الميت اذا مات انقطع عمله الا من ثلاث: الابن الصالح، الصدقة الجارية، وعلم ينتفع به.
٭ ومضة: اليوم يضج المجتمع المحلي بذكر المال «حلالا أم حراما»، وآن الأوان في مجتمعنا الكويتي أن تتبنى مؤسسات المجتمع المدني ووزارات الأوقاف والعدل والإعلام نشر الثقافة الفقهية الخاصة بالمال والذمم، ومن المستحسن إشراك كلية الشريعة في هذا الجانب الحيوي من مناقشة أمور الدنيا والدين خاصة المعاملات المالية من نفقة ـ مهور ـ ميراث على أساس من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتوعية المجتمع بكل فئاته بأهمية هذه الذمم المالية وضرورة دفعها حسب الشرع.
٭ آخر الكلام: نعم الله علينا كثيرة تستوجب الحمد والشكر والثناء، وعلينا العمل على هداية العباد الى الصراط المستقيم والطريق القويم ودينه الحق الذي ارتضاه وأمر الناس ان يعبدوه مصداقا لقوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ـ المائدة: 3).
٭ زبدة الحچي: آن الأوان لكل من عليهم «ذمم مالية» أن يراجعوا أنفسهم في هذا الزمن الكوروني، خاصة أولئك الذين عليهم ذمم مالية للغير!
القصة اليوم حول «دائن ومدين» لهما حقوق شرعية وعليهما واجبات، وقد عرضت 3 منها (النفقة ـ المهر ـ الميراث) ونحمد الله أننا في بلد فيه العلماء والدعاة والأئمة في المساجد أو وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تحاول أن توفر مثل هذه الخدمة وهي موجودة وايضا وزارة العدل، وبقي الدور على جمعيات النفع العام والتي كان لها دور وحضور في قضايا الناس لكنها اليوم تعيش في شبه بيات شتوي طال، ونرجو ألا يطول أكثر!
في أمان الله.