[email protected]
احتل أخي وأستاذي د.مرزوق يوسف الغنيم قلبي قبل زاويتي، ليوجه لنا جميعا رسالة جميلة مفادها: أن الشعر ديوان العرب.. ومواصلا:
أبوفراس الحمداني شاعر عربي كبير عاش في عصر الدولة الحمدانية في الفترة ما بين 932م و968م، وهو ابن عم سيف الدولة الحمداني، أمير الدولة الحمدانية، قال أبياتا شعرية جميلة منها:
الشعرُ ديوانُ العَرَب
أبداً وديوان الأدبْ
لم أعدُ فيه مفاخري
وَمدَيحَ آبائي النُجُبْ
ومُقَطّعاتٍ رُبَّمـــا
حَلّيتُ مِنهُنَّ الكُتُبْ
لا في المديح ولا الهجا
ءِ ولا المُجون وَلا اللَعِبْ
لخص فيها دور الشعر في حياة العرب، حيث يعتبرونه ذاكرتهم التي يُحفظ عن طريقه تاريخهم وتُصَانُ به قيمهم وحياتهم الاجتماعية، لذلك بقي الشعر يحتفظ بمكانة رفيعة في حياة العرب قديما وحديثا، يسجل به الشعراء قصصهم وتجاربهم الحياتية وقصص البطولات والأقوام الذين يعيشون بينهم، وللشاعر مكانة كبيرة عند العرب، فهو لسان حالهم الذي يدافع عنهم، وهو الذي يفخر بأحسابهم وأنسابهم.
وسار الشعراء على هذا المنوال إلى يومنا هذا يتغنون بأوطانهم وبأحبابهم، ويفتخرون بأنفسهم. ومن أمثلة القديم والجديد من الشعر، فمن الممكن أن نذكر أبياتا قالها ابن زريق البغدادي يخاطب زوجته وهو بعيد عنها:
لا تعذليه فإن العذل يولعه
قد لقت حقا ولكن ليس يسمعهُ
جاوزت في لومه حداً أضَرَّ به
من حيث قَدرتِ أنَّ اللوم يَنفَعُهّ
يكفيه من لوعة التَّشْتِيتِ أنَّ له
من النوى كُلُّ يوم ما يُروِّعهُ
بينما يقول عنترة ابن شداد في الفخر والبطولات:
إذا كشف الزمان لك القناعا
ومدَّ إليك طرف الدهر باعا
فلا تخش المنية والتقيها
ودافع ما استطعت لها دفاعا
ولا تختر فِراشاً من حَريرٍ
ولا تَبكِ المنازل والبقاعا
ومن العصر الحديث يقول الشاعر الأديب إبراهيم سليمان الجراح، رحمه الله، في قصيدة له:
رب لفظ رق حتى فَتنا
رَفَّه القلبَ وسَرَّ الأُذنا
نغمة عابرة جاءت به
فأزالت بصداها الإحنا
عادت الأيام لا تأتي على
فرحة إلا استحالت حزنا
كان ابن زريق يصف عذل زوجته ولومها له عندما أراد أن يسافر إلى الأندلس.. قصيدة رائعة ومعبرة كلها شوق وحنين ولوعة، حتى أن قَلْبَه انفطر ومات بعدها مباشرة.
أما قصيدة عنترة فيتكلم فيها عن الإقدام والشجاعة والبعد عن الترف.
أما شاعر الكويت إبراهيم الجراح فيتكلم برقة متناهية وهو يرد على قصيدة شاعر آخر، وكيف أن قصيدة الشاعر عندما جاءته قد أزالت عنه الحزن، وهو يعيب على الأيام التي تتقلب من فرح وسرور الى حزن.
كل هذا يؤكد ما قاله أبوفراس الحمداني من أن الشعر ديوان العرب، وأنه الوسيلة الوحيدة الناجعة للإعلام لسهولة حفظه وتداوله.
٭ آخر الكلام:
أرسل أحد من يدّعي الشعر إلى أستاذنا الدكتور يعقوب يوسف الغنيم ورقة بها كلام يصف به «طير» ويعتقد هذا المدعي أن ذلك شعر، وكان يطلب من الدكتور يعقوب أن يمدحه ويمدح شعره، فلما قرأ الدكتور يعقوب أول سطر من الورقة المكتوبة «انسدت نفسه» وتكدر وغضب من أولئك الذين يدّعون الشعر، فكتب له الأبيات التالية تحت عنوان «رد على الرسالة»:
يا غِرُّ هذي نظرة عَيَرَتْ
عن فكرْةٍ قد كنت تبديها
أوردتَّ أفكاراً مشتتَة
كل التناقض كامِنٌ من فيها
ونظمت أبياتاً مهلهلة
ضعفت وما سلمت معانيها
يا ساهراً للطير ترقُبُهُ
عبر البلاد وفي نواحيها
أَقْلقْته ونزعت راحتهُ
فازداد آلاماً يعانيها
هلاَّ سكَتَّ وصُنْتَ عُزلَتَهُ
ومنعت أفعالاً تُواليها
إني أرى بك ثِقلَ جائحةٍ
مذمومة أعيت مداويها
٭ زبدة الكلام:
ليس بالضرورة أن يكون أي شخص شاعرا، الشعر ملكة وموهبة، وذو حس مرهف فمن الممكن أن يكون الشخص أديبا أو كاتبا، ولكن ليس بالضرورة أن يكون شاعرا.. دعوا الشعر للشعراء ذوي الموهبة الشعرية، ونصيحة أقدمها لكثيرين ممن يدّعون أنَّهُمْ شعراء أن يبتعدوا عن هذا الميدان لأنهم سيصبحون مضحكة للآخرين. ومن الممكن أن يكونوا موهوبين في مجلات أخرى.
كل الشكر والتقدير للدكتور مرزوق يوسف الغنيم على هذه المداخلة الروعة يا أبا عيسى.. وأكثر منها!
٭ رسائل:
الأولى للفنان البحريني الكبير أبوخالد الأستاذ أحمد الجميري الذي يقرأ المقال ويعلّق عليه رغم مشغولياته.. شكراً بوخالد الحبيب.
٭ رسالتي إلى أهلنا في مملكة البحرين أختنا الفنانة التي طالما أمتعتنا بأدائها التمثيلي اليوم هي بحاجة الى (كيس دم) وانتوا أهل الفزعة والله.. يا ريت أقدر أتبرع حق أختنا أم أحمد الله يشفيها لا تخلونها أرجوكم ويا رب أحد يطمنا عن صحتها، الواتساب المنتشر (يعور القلب) سلامات!
٭ شكرا للأخ أنور الرشيد على تعليقه الراقي، وواضح أننا مختلفون حول القضية خاصة الجزئية الأخيرة منها لأنني مازلت عند قولي ما أحوج البشرية الى الشريعة الإسلامية الغراء، وهذا لا يعني إطلاقا ما وجدته هنا وهناك باسم الإسلام والمسلمين، أنا أتكلم وأتمسك بالمنهج الإلهي الرباني وليس بمنهج البشر وأهوائهم وحزبيتهم التي دمرت كل التجارب المرة باسم الإسلام والمسلمين!