[email protected]
يا باغي الخير..
قالوا: الدَّين هم بالليل ومذلة بالنهار!
إعلان رصدته في أكثر من مكان محتواه غريب ومؤلم!
الكويت اللي خيرها عمَّ العالم، مواطن فيها يعرض بيع أعضاء من جسده وأعضاء من أجساد عياله!
قرأت الإعلان مرة وأخرى وثالثة وعاشرة: مواطن يقول في الإعلان إنه يعرض بيع إحدى كليتيه وكبده ومعه أعضاء من أجساد عياله أولاد وبنات من أجل تسديد ديونه؟
ماذا يحصل في الدنيا؟ احنا «عاصمة الإنسانية» عندنا مواطن يعرض أعضاء جسده وأعضاء عياله للبيع؟! أليست هناك جهة تتكفل بهذا الموضوع الحساس؟
قالوا إن الدنيا دار محن وأكدار وذات إقبال وإدبار ومن طبعها التحول من حال الى حال!
ما الذي يجعل مواطنا يعرض أغلى ما لديه «أعضاء جسده» للبيع؟ ويضاف لها أبناؤه؟ إنها غلبة الدين وقهر الرجال!
يعني هو عارف إن المبلغ قد يسدد بعض ديونه وليس كلها، ما يستوجب على عياله أن يتضامنوا معه؟!
أي مأساة هذه وأي بلوى يا ناس؟ بيع أعضاء الجسد قضية!!
أكثر من إنسان قابلتهم في الحياة لا يحسنون تدبير معيشتهم وفق ما رزقهم الله فيلجأون للدين والأقساط!
اتصلت به واستقبلته في مقر الجريدة وتحاورت معه حول هذا الإعلان ومناسبته، وهل هو جاد وماضٍ الى تحقيق هدفه!
شاب أربعيني تبدو آثار الأيام على ملامحه يحمل حزن الدنيا وعيونا شاحبة مليئة من خوف الأيام! وأول ما بدأ قال لي: «البارحة چني من الضيچ مينون وأون مثل اللي بلا ذنب مسجون»!!
ناظرته قبل أن أحاوره متذكرا بيت شعر قديم يقول:
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفوا من الأقذار والاكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
أيها القراء: لقد اقشعر جسدي وأنا أحادثه وهو مسترسل يصف «ضيم الدنيا» إن أدبرت عن البني آدم وتبدل الحال إلى حال؟ وكيف أتى الى الدنيا ليتحمل مسؤوليات والديه لتبقى والدته في رعايته وهي أغلى ما يملك فلمن يتركها؟
زوجة وعيال واحتياجات وأعمار متفاوتة كل منهم له احتياجاته وكل ما يعرفونه من الدنيا انت أبي ودبرتي!
تراكمت الديون والأقساط وتزايدت الاحتياجات، فكان لا بد من الاقتراض من هنا وهناك!
إنني أصف هذا المواطن وهو يحدثني عن مشاكله المالية بالسفينة التي تضم «حمولة» كبيرة وسط أمواج عاتية تضربها من كل مكان والغرق هنا محتم وهي الآن تغوص رويدا رويدا بالماء دون أن يفكر أحد في تخفيف حمولتها كي تنجو؟
هكذا هو حال هذا المواطن الذي استقبلته واستمعت إليه وهو يتحدث عن وضعه الاجتماعي كغارم مدين «منتف»!
ومضة: هذا الشاب الكويتي اليوم بحاجة الى من ينقذه، 4 أولاد و3 بنات وزوجة وأم وراتب محدود!
يا باغي الخير أقبل: من يسكر ديونه ويوفر له وأسرته الحياة الكريمة؟
قال الشاعر علي السالم:
عز الله ان الدين للحال ذباح
واللي وقع به عايشاً في ممله
عايش حياته كلها هم وجراح
لا راح همن جاه همن يتله
آخر الكلام: لقد ناظرت ديونه وهي موثقة عن كاتب العدل وفيها شهادة عن إقرار دين وتعهد رسمي بالسداد!
أيها الكرماء: هذا إنسان غارم حاول أن يعرض بعضا من أعضاء جسمه وتضامن معه بعض من عياله الذين فهموا مرّ الحياة والحاجة؟
لقد أمعنت النظر في الوثائق والطلب ووجدت أنها مبالغ بالآلاف وهذا ما يستوعبه «متبرع يشترط أن يدفع للجهات والأشخاص» ولا يتسلم الغارم المبالغ باليد!
نعم.. يستطيع قادر لديه «صدقة زكاة» أن يدفع عن هذا المواطن الغارم ديونه ليفك ضنكه وضيقة خلقه بتسكير ديونه وليكون مشهود فعله للي ينخون!
إنها الدنيا تذيقك حلوا ومرا وكدرا وحزنا وسرورا هكذا من مبتداها الى منتهاها، وقد حفت بالمصائب والمتاعب وملئت بالرزايا والبلايا والمحن!
قاتل الله الفقر.. ولله در من قال:
كل من في الكون يشكو دهره
ليت شعري هذه الدنيا لمن
قال الله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
ضاقت بهذا المواطن الدنيا بما رحُبت ففكر في بيع كلاويه وكبده وتعاطف معه أبناؤه لفك كربتهم!
زبدة الحچي: هي الدنيا هكذا هناك أصحاب حاجة وهناك كرماء أتقياء خيِّرون يسدون للغارمين ديونهم لنعلم جميعا أن الدنيا تارة أمان وتارة حذر، ولله در القائل:
الدهر يومان ذا أمن وذا حذر
والعيش شطران ذا صفو وذا كدر
هي متقلبة الأحوال دائما وللصابرين على شدائدها والشاكرين المنفقين حال رخائها أجر جزيل!
إننا نعرض هذه الحالة ونحتفظ بالاسم والمعلومات عملا بمن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة، لقد اتصلت به وطلبت أن أعرض قضيته ربما تلاقي متبرعا كريما وما أكثرهم في كويتنا العامرة لعله يفك دين هذا الغارم بدين كبير يحتاج الى كريم له تجارة مع الله لفك المعسرين.. فيا باغي الخير أقبل!
كان الله في عونه وأنزل عليه السكينة والصبر.. لعل كريما أو كريمة يلتفت الى هذه القضية ويحصد أجر الدنيا والآخرة ويتكفل بسداد دينه بدل أن يبيع هذا المحتاج أعضاء جسده وعياله!
عافانا الله وإياكم من غلبة الدين والقهر وشقاء المعيشة!
دينه يبلغ بالكمال والتمام 130.548.000 دينار كويتي، فمن يبادر ويأخذ أجره ويفك دينه!