[email protected]
بالأمس عقب صلاة التراويح جلس عندي يشتكي لي همه والتجربة القاسية التي مر بها والتي على حد وصفه زلزلته!
هو الآن يشعر بالألم والحسرة والندامة والعجز وفقدان لذة الحياة، مما جعله فريسة سهلة للاكتئاب والحزن الشديدين لأنه على حد وصفه (خان) أقرب إنسان له في هذه الحياة؟
استمعت اليه حوالي نصف الساعة مسترسلا ثم قلت: هوّن عليك يا حبيبي (باب التوبة) مفتوح، خاصة ونحن قد خلصنا من الأيام الـ 10 الأول من رمضان وهي الرحمة وندخل الآن في العشر الوسط وهي المغفرة ولعلك تدرك العشر الأواخر وتنال العتق من النار.
الحياة صعبة محطاتها، الدنيا لن تكون أبدا دائما ضاحكة لك وإنما ستبكيك وتعذبك كما هي الدنيا ولا مفر من هذا، مرة فرح وأخرى ترح!
ليس هناك إنسان (معصوم او محصن) فالكل يعيش لحظاتها احيانا سعادة وأخرى تعاسة ألم وفرح وضحك وبكاء وهكذا هي الدنيا لن تصفو لأحد أبدا!
أعود لصاحبنا (صاحب التجربة) وأيا كان حجم مشكلته فليس هو وحده من يشكو مر التجارب والفشل والإحباطات، فالأكثرية في هذا العالم (يأتون ويتألمون) بأشكال عديدة!
التجارب القاسية في الحياة (تعلم) الشاطر، اما (الغبي) فإنه سيكررها مرات عديدة ولن تنفع معه (الكبوة).
التجارب القاسية في الحياة (دروس) نتعلم منها وترقق القلب الموجوع على شرط ان نطيل التأمل في (قدرة الله)!
التجارب القاسية (لا تطرب) أحدا لكنك كإنسان أسأل نفسك مرة: ماذا تعلمت من هذه التجربة؟ وما الرسالة التي استفدتها وتعلمتها؟
ان العيون الدامعة والقلب المنكسر (يدميان الروح) وتنهال الأسئلة على رؤوسنا وأدمغتنا: لماذا فعلت كذا؟ ماذا فعلت لأستحق هذا؟ أهذا جزائي؟ تختلف العبارات والمفردات والتأنيب والتقريع والجلد وكلها تؤدي في النهاية الى الاستكانة الى المظلومية والسخط، والأجدى من هذا كله ان تسأل نفسك: لماذا حدث لي هذا الأمر؟ وكيف أتلافاه وأخرج منه بأقل الأضرار؟
ثم أصنع هدفا وأسعى اليه، واصفا كل الوسائل الموصلة الى تحقيقه وأسأل نفسي: هل استفدت من هذه التجربة؟ أين أخطأت؟ وأين أصبت؟ وكيف أتلافى هذا حاضرا ومستقبلا؟
٭ ومضة: يا صاحبي، يا من تشتكي مر الشكوى من (التجرية القاسية)! اجتهد في هذه الأيام في (التوبة) لأن بابها مفتوح طيلة الوقت، فما بالك في هذه الأيام المباركة، وخذها مني حكمة لا تجزع من قسوة التجربة لكن اضبط (سلامة النية وطهارة القلب)!
٭ آخر الكلام: عندما يؤدبنا الألم نمارس (التوبة) مترافقة مع الصبر خاصة ونحن نستشعر (الرضا) يسري في شراييننا بأجر الصابرين!
تبقى ردود أفعال (التجارب القاسية) تارة تشعرنا بالندم والحسرة، وتارة أخرى تشعرنا بالفرح، وما بين (الضحكة والدمعة) نبقى كالمحرومين الذين يتمنون (الخير) بشعور اللذة والمكابدة والرجاء!
٭ زبدة الحچي: صور من البؤس والشقاء والتجارب المرة في الحياة قرأتها وأنا أصحب الكتب والقلم، يرى الشاعر العباسي المتنبي ان الشقاء والبؤس شائعان في الحياة:
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا
وعناهم شأنه ما عنانا
وتولوا بغصة كلهم منه
وإن سر بعضهم أحيانا
ربما تحسن الصنيع لياليه
ولكن تكدر الإحسانا
أما الشاعر أبو القاسم الشابي فأشعاره معظمها تحيط بأبياتها الكآبة من كل صوب يقول:
ماذا جنيت من الحياة ومن تجارب الدهور
غير الندامة والأسى واليأس والدمع الغزير
أما دموع المحبين في العصر الأموي من أمثال مجنون ليلى الذي قال:
لم تزل مقلتي تفيض بدمع
يشبه الغيث بعد ان فقدتها
مقلة دمعها حثيث وأخرى
كلما جف دمعها أسعدتها
ما جرت هذه على الخد حتى
لحقت تلك بالتي سبقتها
أيها القراء في كل مكان في الكويت وخارجها (التجارب القاسية) في الحياة دروس (مبعثة العمق) كل منا يستشعرها بحجمها، تارة فرحا وأخرى حزنا وألما!
تعزية: أُعزي أسرة العتيبي الكرام بوفاة الأستاذ المربي الفاضل سعود فرهود العتيبي مستذكرا دوره الكبير في المسيرة التعليمية والتربوية وجمعية المعلمين، سائلا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.