[email protected]
«أنا واخوي على ولد عمي، وأنا وولد عمي على الغريب»!
قالوا في الأثر عن أعرابية حرة قصة ذات معنى ودلالة: قبض الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق على ثلاثة وأودعهم السجن ثم أمر بأن تضرب أعناقهم وحين احضروهم أمام السياف لمح الحجاج امرأة ذات جمال تبكي بحرقة فقال: احضروها فلما أن احضرت بين يديه.. سألها: ما الذي يبكيك؟ فأجابت: هؤلاء النفر الذين أمرت بضرب أعناقهم هم زوجي.. وشقيقي.. وابني فلذة كبدي.. فكيف لا أبكيهم؟! فقرر الحجاج ان يعفو عن أحدهم إكراما لها وقال لها: تخيري أحدهم كي أعفو عنه.. وكان ظنه ان تختار ولدها.. خيم الصمت على المكان.. وتعلقت الأبصار بالمرأة في انتظار من ستختار! فصمتت المرأة هنيهة.. ثم قالت: اختار أخي! وحيث فوجئ الحجاج من جوابها.. سألها عن سر اختيارها.. فأجابت: أما الزوج.. فهو موجود «أي يمكن ان تتزوج برجل غيره»، وأما الولد.. فهو مولود «أي انها تستطيع بعد الزواج إنجاب الولد»، وأما الأخ.. فهو مفقود «أي لتعذر وجود الأب والأم». فذهب قولها مثلا، وقد أعجب الحجاج بحكمتها وفطنتها.. فقرر العفو عنهم جميعا.
ظاهرة اجتماعية بدأت تظهر وتكبر وتنتشر في مجتمعاتنا العربية، وتناميها اراه يشكل «هما وقلقا» للعقلاء من بني قومي وأهلي وشعبي ولهذا اقولها بملء الفم «الاخوّة.. خط أحمر»، ماذا يعني هذا الأمر العظيم ايها القراء الكرام؟
أقولها: أخوي ولد أمي وأبوي جنتي أو ناري، اللهم لا تحرمني منه أبدا!
احنا بالعامية نقول: الأخ لا يعوض!
مالك إلا عضيدك في الشدائد!
اذا تأزمت الأمور العائلية بين «الإخوان والأخوات» فعلى الزوجات الصمت أو القول خيرا.
عندما أقول وغيري إن «الاخوّة دم يجري في عروقك» فهذه حقيقة، هي جينات من «بطن أو ظهر» أو كليهما فلا داعي ان تتصحر المشاعر ونصل إلى مرحلة الجفاف وتباعد المسافات!
أيها الاخ، أيتها الأخت، ضعا خطوطا حمراء «لزوجتك - أو زوجك» ولابنائك وبناتك، لا أحد يتجاوز فيما يختص «هذا الرحم المقدس»!
لا تسمح لهؤلاء وغيرهم بأن يتدخلوا بينك وبين اخوانك؟
أما اذا سمحت فسترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك والقطيعة تدب بينهم «لأن الجزاء من جنس العمل»!
روعة الاخوّة وعظمتها أنك تشعر «اختك أو أخاك» بقيمته في حياتك «دمعتك» قبله أنت عكازه وعضده!
الاخوّة ليست اسماء في الوثائق الرسمية ولا أوراقا مرسومة في شجرة العائلة ولا ارقاما مسجلة في هاتفك!
أنتم «إخوة» عشتم في بيت واحد وأكلتم من صحن واحد، ذكرياتكم مشتركة «الدم في العروق من نفس الجينات»!
اخي القارئ: النصيحة اليوم في اليوم العالمي للعمل الإنساني والتطوعي ان تترك كل عداواتك بصوب ولا تفرط بالرحم التي جمعتكم في هالدنيا الزائلة وبر الوالدين «احياء أو امواتا» هو في «البر الاخوي» هنيئا لكل واصل رحم!.. إن أصعب المواقف أن يتألم الأب أو الأم من منظر الأخين المتخاصمين في حياتهما!
ومضة: قرارات منفعلة توسّع دائرة الخلاف وتزداد اتساعا بالانجرار وراء العواطف من دون تحكيم العقل فتنشر الخلاف والضغينة وتخلق «هوة» بين الأخ وأخيه!
الاخوّة منحة إلهية ونعمة قدسية يقذفها الله في قلوب «الإخوة والاخوات» من عباده والأصفياء من أوليائه والأتقياء من خلقه.
اذا كان ديننا يأمرنا بأخوة الدين فما بالكم بأخوة الرحم؟!
قال تعالى: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم).
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
سلام على الدنيا اذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصفا
أما سيدنا عمرو بن العاص فيقول: «من كثر اخوانه، كثر غرماؤه»!
آخر الكلام: الاخوّة محبة، تناصح، بذل، ايثار، تضحية، واخطر ما في «عداوات الرحم بين الاخوة» انتقال هذا التفكك الى الأبناء والأحفاد!
زبدة الحچي: خذوها مني وغيري ممن خبروا الحياة «اخوّة الرحم الصچ» قائمة على التحاب لا التباغض، التكامل لا التآكل، التشارك لا التراشق، الاحسان لا النكران، التراحم لا التلاطم، التطاوع لا التنازع، التواصل لا التنصل، التناصح لا التفاضح، المؤازرة لا الخذلان!
«الاخوّة» شجرة مثمرة أصلها قوي ثابت وهي ركيزة قوية في الحياة تحتاج الى صفاء القلوب.
قضايا الميراث التي تزدحم بها قاعات المحاكم ليس لها مبرر لأن الورث مقسم شرعاً! ولا يحتاج منا إلا نظرة انصاف وعدل وفقا للانصبة الشرعية!
اخواننا واخواتنا هم السند لنا بعد الله عز وجل ومصدر قوتنا وتلاحمنا وترابطنا وسعادتنا ومهما اعطيت فلن توفيهم حقهم.
أحيانا اقول ليتني ما كنت الأخ الأكبر لأنها «مسؤولية كبيرة» الكل يراقبك والزمن والعصر فيه الفتن والاختلافات كقطع الليل المظلم.
كلمتي الأخيرة: أرحامكم أماناتكم والختام قبر متر ونصف × نصف متر، ما تسوى هذه الدنيا الاختلافات فالكل مغادر، فاترك الأثر الجميل، ولنتصالح قبل أن يدركنا هادم اللذات!