[email protected]
العمل التطوعي في الكويت سمة وخصلة صادقة، مرتبط بأهل الكويت الأخيار رجالا ونساء، ويدل أيضا على حيوية هذا المجتمع الذي جبل على حب التطوع بكل أشكال العمل الخيري الذي برزت فيه الكويت، وغدت اليوم «عاصمة العمل الإنساني».
العمل الخيري حتى أعرِّفه للقارئ الكريم، أقول: هو لا فرض ولا واجب، وإنما تطوع اختياري يقوم به الفرد لخدمة وطنه وشعبه، ولأكون واضحا وشفافا هو «الجهد الذي تبذله دون عوض مالي أو معنوي».
ومجالات هذا العمل التطوعي كثيرة وكبيرة، ويبقى لك أن تنتقي ما يليق بك من عمل لتمارس هذا النشاط الإنساني النبيل.
وتمسكا بالدقة العلمية أرى «العمل التطوعي» يكون في حاجة الناس المختلفة من تعليم ومساعدة لاجتياز «نكبة أو مصيبة أو كارثة» وهو بلا شك إحسان خيري للفقراء والمساكين والمعوزين والأيتام وإصلاح ذات البين وصلة الأرحام ولتنمية مجالات البناء البشري في تنمية وتطوير الذات والمهارات.
العمل التطوعي يحتاج إلى عوامل دفع تساعد على إنجاحه، اجتماعية ونفسية واقتصادية، ولا نغفل دعم الجهات الحكومية والجهود الشعبية أيضا.
في الكويت بدءا من صاحب السمو الأمير وإلى سمو ولي عهده الأمين، وكل المسؤولين في الدولة الكل يشجع ويدعم العمل التطوعي وينهض به ويعلو به، والأصل في هذا التوجه الحكومي والشعبي وجود الأصل الشرعي لإنجاح العمل التطوعي وهو الإيمان بالله عزّ وجلّ وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وتحقيق هذا في حيز التطوع لارتباطه بالدين قال تعالى: (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما - الأحزاب: آية 71).
وأيضا تحقيق «إنسانيتك» وفلاح العمل وتحقيق محبة الله تعالى، كما جاء في الحديث الشريف: «لايزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه».
ومضة: العمل التطوعي يحمي من عقوبة الله سبحانه لقوله: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب - المائدة: آية 2).
إن (البر) كلمة جامعة للتطوع والعمل الخيري لتحقيق الأجر والثواب.
قال تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم - البقرة: آية 261).
إن العوامل الاجتماعية في الكويت ساعدت كثيرا على نجاح العمل التطوعي في أعلى مستوياته، لأن التكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية كلاهما يدعمهما العمل التطوعي بشقيه الحكومي والشعبي.
آخر الكلام: العمل التطوعي يفتح لنا آفاقا في الرعاية الاجتماعية وتحريك البطالة، والحفاظ على وحدة المجتمع الواحد من الفتن والعداوات، وتقوية الروابط والصداقات، وتحقيق الأمن لمجتمعاتنا، وتفعيل الرضا والطمأنينة في شخصيات ممارسيه.
زبدة الحچي: الصيف نعيشه بأيامه الطويلة وساعاته الثقيلة، فلماذا لا نفعِّل ملء فراغ أولادنا وبناتنا بالعمل المجدي؟ لينموا مهاراتهم ويقووا هواياتهم ويمارسوا ما يحبون، فيكتسبوا الخبرة، فنضمن التعاطف الاجتماعي من الرضا والحب والتقدير، والكل يرفع شعار: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».
العمل التطوعي يعلمنا الكرم بالتبرع بأوقاتنا وجهدنا، ويحارب رذيلتي «الشح والبخل» وعلينا استغلال وفرة المال في مجالاته الرحبة، فنحفظ أموالنا وأوقاتنا من الهدر، ونفتح نوافذ جديدة من العمل التطوعي.
آلاف، لا، بل ملايين البشر يتطوعون كل يوم في العالم، وأصبح العمل التطوعي مكملا ومساندا للدور الحكومي!
على الجهات الرسمية وأقصد الحكومية وحتى القطاع الخاص، أن يزيلوا المعوقات الإدارية ويدعموا ضعف التبرعات المالية بمزيد من التوعية.
وكلمتي الأخيرة لقارئي الكريم: مفهوم العمل التطوعي في اللغة مأخوذ من الطاعة.
يقال: «تطوع أي تكلَّف استطاعته، والتطوع التبرع بالشيء».
تذكروا جميعا: العمل التطوعي ليس في بذل الجهد مالا أو دعما معنويا، لكن اعلموا أنه قربى إلى الله بكل أشكاله، واهتمام الدول المتطورة به يرجع إلى أهميته.
تطوعوا يا جماعة الخير.. ترى هذا هو الباقي.. في أمان الله.