في فيلم «رمضان فوق البركان» لعب النجم عادل إمام دور أمين خزينة شركة واختلس 400 ألف جنيه، وسلم نفسه للشرطة مطالبا بتطبيق عقوبة الاختلاس عليه والتي تصل وفق قانون الجزاء المصري إلى السجن 7 سنوات، رغم حبكة الفيلم السيئة وفكرته الجميلة إلا أنني لم أكن أتصور أن سياسيا في الكويت سيعيد ذات سيناريو الفيلم ولكن مع تغيير في الحبكة والإخراج، فالعقوبة التي استحقها بطلنا كانت السجن 9 أيام و10 ليال، ومكافأته أو بالأصح «تطييب خاطره» كانت مناقصة بـ 6 ملايين دينار كويتي أي (أكثر من 120 مليون جنيه مصري).
هل تعرفون معنى أن تسجن لـ 9 أيام وبعدها تستحق مناقصة بـ 6 ملايين دينار؟ يعني أن كل يوم قضاه صاحبنا في السجن قبض نظيره 650 ألف دينار كويتي، أي بالساعة الواحدة قبض 27 ألف دينار، بمعنى أدق أعاننا الله على العمليات الحسابية أنه وفي كل دقيقة كانت تدخل جيبه 450 ديناراً، بمعنى أدق 7.5 دنانير كانت تسقط في جيبه كل ثانية قضاها في غياهب السجن المظلم.
فمعناه أن كل ثانية وطنية تكلف خزينة الدولة 7.5 دنانير، حقيقة أنا شخصيا لا أعرف عمن دافعت في مقالاتي التي تناولت فيها من كنت أعتقد أنه كان يمكن أن يصبح رمزا وطنيا قبل أن تطمره تلال النقود المشبوهة، ولست نادما كوني كنت أدافع عن مبدأ لا عن شخص، كنت أدافع عن قضية وطن لا عن شخص ارتدى عباءة الوطن و«خمنا» فيها و«قص» علينا، لينتهي مسلسله التركي السيئ الإخراج بمكافأة بطلنا بمناقصة مليونية، بصفقة أقل ما يمكن أن توصف به أنها صفعة على وجه الحركة الوطنية.
يا سادة ليست لدينا مشكلة مع الفاسدين لكونهم واضحين وضوح الشمس، وروائح سرقاتهم تزكم الأنوف، بل مشكلتنا اليوم فيمن يرتدي الوطن ويختار المواجهة لا لإيمانه بها بل لأنه يرى أنها أقصر الطرق المؤدية إلى «الكيكة».
ما أسوأ أن تشاهد الوطنيين يتساقطون بالضربات القاضية، فهذا سقط بـ 6 ملايين «وعليه بالعافية» وقبله سقط وطني آخر بـ 50 ألف متر مربع «وإن شاء الله يزرعها طماط» وقبلهما سقط آخر بمزرعة وهناك من سقط بـ «تحميرة عين»!
[email protected]