أحد يموت ولا درى بموته أحد
وأحد يموت وموتته تحيي وطن
لا عزاء أجد أنه من المناسب تقديمه لأسرة المظلوم المرحوم محمد الميموني سوى بيت الشعر هذا، فموت محمد، رحمه الله، سمع به القاصي قبل الداني، وإن كان رحيله خسارة كبيرة لذويه الذين نسأل الله تعالى أن يلهمهم الصبر والسلوان إلا أن وفاته أحيت بلدا بأكمله بل غيرت من سياسة حكومية كاملة وسيظل تأثير وفاته كـ «سونامي» حركة تصحيح لا تجتاح وزارة الداخلية فقط بل تمتد لتشمل حتى سياسات الحكومة وطريقة تعاطيها مع مختلف القضايا، فمن تأثيرات وفاته، رحمه الله، أنها وحدت الصف وأعادت اللحمة من جديد لأبناء البلد بعد أن كادت أن تفرقهم رياح السياسة التي تشرف على هبوبها شخصيا أطراف حكومية وأطراف أخرى نافذة وتوقفت تلك الرياح تماما، فبعد وفاة الميموني قالت الحكومة لعدد من أبواقها «جب» نعم قالت لهم «جب» ولتصمتوا حتى تنتهي القضية، وإن كنت أعتقد أن أمر الصمت الذي أطلقته الحكومة لأبواقها مؤقت إلا أنني أتمنى أن يكون قانون الصمت الحكومي الذي فرضته على أبواقها دائما وإلى الأبد، فيكفي ما فعلته خلال سنوات من سكوتها عن الضاربين في عمق الوحدة الوطنية.
وفاة محمد الميموني ستبقى قضية حية لسنوات طويلة وستكون سببا في كف يد العابثين بأمن الوطن أيا كانت رتبهم وأيا كانت مناصبهم ومهما بلغ طول أياديهم.
انتقلت روح محمد الميموني إلى بارئها، وترك رحيله موجة تصحيح في جميع نواحي الحياة السياسية، محمد الميموني تحول ـ شاء من شاء وأبى من أبى ـ إلى بطل وطني، ليس بإرادته نعم، فلو كان الأمر عائدا له لكان الآن في منزله بين أهله وذويه يحتضن طفلته ويمارس حياته الطبيعية ويتمتع بها إلى أقصى حد، ولكنه القدر، وقدره أن يكون بطلا، قدره أن يكون سببا في تغييرنا جميعا إلى الأفضل، وليس الحكومة وحدها او سياساتها، فقد غير منظورنا كأشخاص إلى الحياة، فمقتله رغم قسوته ورغم أنه هز وجدان الجميع إلا أنه علمنا أن نحترم الحياة ونقدر آدمية البشر وإنسانيتهم.
وفاة محمد نزعت عن أعين الجميع النظارات السياسية السوداء واستبدلتها بنظارات الإنسانية الشفافة ليرى الجميع الأشياء على حقيقتها، فأصبحنا نرى بلدنا على حقيقتها، وأعادت وفاته إلى الحكومة شيئا من عقلانيتها والتي لن تكتمل إلا باستقالتها، ولن نرضى بأقل من هذا، كاعتذار ناقص من الحكومة، ولن يكتمل اعتذارها حتى نرى جميع المسؤولين عن وفاته تتم محاسبتهم بغض النظر عن رتبهم ومناصبهم ونفوذهم فقضاؤنا أعدل من جميع لجان تحقيقاتكم وأنزه من جميع بياناتكم، قدموا الجميع للمحاكمة ومن تثبت ادانته فسيجد حكمه العادل، ولا تتركوا الأمور للظروف ولا للقيل والقال بل قدموا الجميع للمحاكمة.
[email protected]