وصلتني رسالة بالخطأ أمس من رقم لا أعرفه، وقمت بالاتصال على الرقم كون الرسالة مبهمة وغير مفهومة، وردت علي فتاة ما إن سمعت صوتي حتى قالت: «آسفة اتصلت بالخطأ»، اتصال بالخطأ كان يفترض ان ينتهي عند هذا الحد، ولكن بعد ساعتين وجدت الرقم نفسه يتصل مرة أخرى لم أرد، وبعد ساعة عاودت الاتصال بالرقم ورد علي الرجل بكلمة «نعم شتبي؟»، رددت عليه بكل أدب: «عزيزي وردني اتصال من هذا الرقم مرة على شكل رسالة ومرة باتصال..خير منو؟»، فما كان من الأخ اللطيف المتصل سوى أن قال لي ما نصه: «أخوي هذا رقم أم العيال وأنت داق عليها وأعتقد أنا وأنت شباب وعارفين هالحركات»، بعد أن سمعت «عباطة» مدخله في المكالمة لم أتمالك نفسي وقلت له: «أولا أنا لم أتصل بأحد رددت على رسالة وصلتني ورددت على اتصالك ليس في الأمر عبث ولا معاكسة كما تتصور، وبعدين أخي الفاضل إذا خايف على أم العيال كلوديا شيفر خلاص اعتبرني أخطأت في ردي على الاتصال أو الرسالة فليش أنت متصل؟!»، فقال لي لا فض فوه ومات حاسدوه: «لا أنا اتصلت عشان أن ما تفكر تتصل مرة ثانية»، يا سلام شوفوا المنطق، أنا طبعا لم أفكر أتصل لا مرة ثانية ولا ثالثة ولم يكن في بالي، ولكن زوج كلوديا شيفر الكويتية افترض أنني سأعاود الاتصال لمجرد أن التي اتصلت بي «وحده»، كان الله في عونه وصبره الله على غيرته وحماه من سوء ظنه سواء بأم عياله التي أخطأت أو بالشخص الذي اتصل على رقم ورده بالخطأ.
هذا الزوج أنموذج حي لسوء الظن المفترض بالآخرين، تماما كنهج حكومتنا، فهي العفيفة الشريفة الطاهرة المنزهة تفترض سوء النية بالآخرين، ولا أدل على ذلك سوى تعاملها مع تظاهرات الجمعتين الآخيرتين، واطلاقها لأبواقها ليقولوا بالشباب المتظاهرين والداعين للتجمع ما لم يقل مالك في الخمر، ووصل الأمر إلى حد تخوينهم، وهو أمر كان الأجدى بالحكومة أن تترفع عنه، وتتعامل مع الشباب كحراك طبيعي، بل كحق طبيعي لا منة لأحد عليهم به، وليس من حق أي كان أن يمنعهم تحت أي حجة أو ذريعة خاصة ذريعة «المندسين» التي أصبحت ماركة عربية مسجلة ترمى كسوء ظن معلب جاهز لمواجهة أي تظاهرة ينوي الشباب القيام بها.
لماذا تفترضون بالشباب سوء الظن؟ لم لا تستمعون إليهم؟ لم لا تحاولون مجرد المحاولة معرفة سبب خروجهم؟ وهو سبب أعلم أن الحكومة تعرف سببه خاصة أنها هي السبب الرئيسي لكل احتقان تشهده حياتنا السياسية.
شخصيا لا أطلب الكثير، وليس لدي من النصح الذي أوجهه للحكومة سوى أن تستمع ولو لمرة واحدة للشباب، فقط تستمع، والأهم أن تعتقد بحسن الظن في تعاملها معهم، لا أن تكون كزوج الست «كلوديا شيفر الكويتية» وترمي بسوء الظن قبل حتى أن تستمع، لا أقول حاوروهم، بل أطلب أهون الأمر وهو أن تستمعوا لهم، لن تنقص حكومتنا وزيرا إذا ما سمعت لهم، بل إنها حتى ولو حاورتهم فلن تفقد خيطا سل من بشت أحد وزرائها، الأمر بسيط، هم أبناؤكم وخرجوا من أجلكم لا ضدكم كما تتصورون، فهم جزء من نسيج هذا المجتمع الذي أنتم جزء منه.
الوجوه التي رأيتها في ساحة الإرادة تبشر بالخير، أيا كان انتماء أو توجه أصحابها، شباب في عمر عنفوان الشباب حضروا ساروا شاركوا هتفوا، لم يحضروا سوى من أجل وطنهم.
لنترك لغة التخوين جانبا، والأهم لنتخل عن مفردات «مندسين» ونحوها، ولنستمع لما يقوله الشباب، أيا كان سقف مطالبتهم، ومهما بدا عاليا فنحن لا نطلب سوى العدل، سوى الانتصار لوطن لم يعد يحتمل صراعات الوكالة، وتحالفات سياسية ينتفع منها «چم نفر» بينما بقية الشعب ترزح تحت ظلم البنوك تارة وظلم التخبطات الحكومية تارة أخرى.
استمعوا لهم وأحسنوا الظن وافتحوا آفاق الحوار مع الجميع دون استثناء، فهذا حق عليكم.
توضيح الواضح: سألني الزميل هادي العجمي: «لم تحضر إلى الجريدة السبت وين كنت؟» فقلت له: «الجمعة كنت في الإرادة من أجل أولادي، والسبت خرجت إلى المدينة الترفيهية من أجل أولادي... ولكن معهم»!
[email protected]