ذعار الرشيدي
لا أجد تشبيها مناسبا للساحة الشعرية اليوم سوى تشبيهها بامرأة جميلة بلغ وزنها الـ190 كيلوغراما، فرغم ملامحها الجميلة ولون بشرتها النضر إلا أن جسدها ترهل جراء هجوم الشحم على جميع مناطق جسدها دون رحمة ليحيلها إلى كتلة بشرية هلامية تسير بوجه جميل فقط.
وهذا هو حال الشعر اليوم، ترهل بأعداد غفيرة من الشعراء بلغت حسب آخر إحصائية «خبط لزق» أكثر من 10 آلاف شاعر ناطق وكاتب وناشر وملق ومحاول ومراسل بكل أنواع الشعر التقليدي والحديث والنثر و«البثر» والقلطة والحر والحداثي و«ما وراء الحداثي» و«البينوني» و«التفكيكي» و«التقليحداثي» وحتى «الانطعاجي»، كل هذا مع ابتلاء الفضاء التلفزيوني بما لا يقل عن 12 قناة فضائية شعرية و30 مجلة شعرية وعشرات الصفحات الشعرية الأسبوعية والملاحق المتخصصة بالإضافة إلى عشرات برامج المسابقات الشعرية.
ومع هذا لاتزال ساحة الشعر امرأة حسناء تتمتع بملامح فاتنة غير أن جمالها اختفى أو أنه توارى قليلا تحت وطأة الشحوم التي غزت كل مكان في جسدها.
حتى المشهد السياسي الكويتي الذي كان في يوم من الأيام امرأة حسناء فارعة الطول سمراء «تكشخ» بما ورثته من أرصدة عامرة من الديموقراطية ابتليت مؤخرا بهجوم شرس لكتل من الشحم السياسي الذي صاحبه هجوم كوليسترول من الفوضى السياسية التي عطلت جريان الدم في عروقها فأعاقت حركتها وجعلتها تبدو كعجوز في الثمانين وبدأت أرصدة ديموقراطيتها بالتناقص تحت وطأة «ديكتاتورية» بعض النواب الذين وجدوا على ما يبدو اختراعا لتحويل الديموقراطية إلى شكل من أشكال الديكتاتورية النيابية عبر انتهاج سياسة الرأي الأوحد، فلا استجواب إلا استجوابه ولا قضية إلا قضيته ولا نائب سواه، ليستنزف هؤلاء النواب ما بقي من أرصدة ديموقراطيتنا، تلك المرأة الجميلة التي وبفضل الفوضى النيابية تحولت إلى برميل يسير على قدمين بعد أن فاق وزنها الـ190 كيلوغراما.