ذعار الرشيدي
وسط تكهنات بأن تتقدم الحكومة بطلب تحويل جلسة استجواب وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد إلى جلسة سرية برز فريقان الأول ينادي بأن يستمع لمبررات الحكومة قبل أن يقرر الموافقة أو الرفض على التحول إلى السرية والفريق الثاني يرفض فكرة تحويلها إلى سرية، وبغض النظر عن مبررات الفريقين الحكومي وغير الحكومي في قبول أو رفض مبدأ السرية فالمنطق يفرض العلنية، بل لابد أن تكون الجلسة العلنية ولا يوجد سبب واحد يبرر للحكومة أن تطلب تحويلها إلى سرية فلا أعتقد أنه سيبحث خلالها أسرار مفاعل «الشدادية» ولن تورد فيها أسماء مزدوجي الجنسية ولا باعة الجنسية ولا مشتروها كما أنه لن يبحث خلالها أعداد الجواسيس الكويتيين ولا أماكن عملهم في عواصم العالم، على الطرف الآخر لا يحق لأي نائب كان أن يقبل بتحويلها إلى سرية، لأن ما سيحدث في تلك الجلسة وما سيقال خلالها سواء من اتهامات أو ردود من حقنا أن نعرفه ونسمعه كمواطنين سمع الإذن ونراه رأي العين، لأننا نريد معرفة كامل الحقيقة، ولن نقبل بغير الحقيقة.
لقد مللنا من سياسة التعتيم التي ضربت جذورها في قاع المشهد السياسي الكويتي حتى أصبحنا لا نفرق بين الصالح والطالح في أي قضية تثار سواء بين الحكومة والمجلس أو بين النواب والنواب، حتى إنه عندما تريد الحكومة أن تتكرم بعرض تفاصيل قضية سياسية ما لا تعرض لنا سوى نصف الحقيقة، وأما النواب من جهتهم فلا يعلنون سوى بعض الحقيقة، وبين نصف حقيقة الحكومة وبعض حقيقة النواب أصبحنا على الدوام عرضة لرياح التكهنات حول أي من القضايا المصيرية التي أثيرت مؤخرا وأدى بعضها إلى حل مجلس الأمة.
أتذكر أنني سألت أحد النواب عندما أثيرت قضية عصفت في البلد عصف سرايا غاضبة قبل عامين عن سبب صمته في كشف جميع أسماء من يتلاعبون سياسيا من خلف الكواليس رد بجملة واحدة «أفواهنا مملوءة بالماء».
إن استمر التعتيم أكثر وأكثر فسيتحول المجلس إلى رقعة شطرنج سياسية لا أكثر ولا أقل، خاصة أن جزءاً منه تحول فعلا إلى ما يشبه رقعة الشطرنج.
فلا للجلسة السرية، وعلى السياسيين جميعا من اليوم وصاعدا أن يتبعوا أسلوب المكاشفة والشفافية في التعاطي مع أي قضية أيا كانت القضية حتى ولو أدى الكشف إلى حل مجلس الأمة مرتين وثلاث وأربع مرات، لأن حل المجلس لأمر نفهمه ونعرف الحقيقة الكاملة التي أدت إلى حله «أفضل مليون مرة» من أن يحل المجلس لأمور لا نفهمها.