قبل أن نصب جام غضبنا على وزارة الصحة التي تستحق النقد في كثير من مناحي العمل بإداراتها وقرارات بعض مسؤوليها التي لا يمكن أن توصف سوى بالمتخبطة خاصة فيما يتعلق بملف العلاج في الخارج، لابد وأن نعترف أن هناك متمارضين يزاحمون المحتاجين الحقيقيين في السفر للعلاج في الخارج، وهناك متمارضون أو مدعو مرض يقومون بتأخير مواعيدهم أو «تطنيش» مواعيدهم في المستشفيات حتى يمكن التمديد لهم أكثر فأكثر ويقيمون في الخارج بصفتهم سائحين على نفقة العلاج في الخارج، ولكن هؤلاء القلة التي لا تكاد تعد أصلا لا يجوز أن تكون بابا للحكم على الغالبية من المرضى المستحقين، فلا يمكن أن نأخذ 10 آلاف مثلا بجريرة خطأ 100 مثلا، ولا يمكن أن تضيق على 10 آلاف مستحق للعلاج بالخارج بسبب اكتشاف 100 شخص غير مستحقين.
هناك محتاجون ولا شك وهم السواد الأعظم من المرضى، وعلاجهم والتمديد لهم ضرورة بل واجب على وزير الصحة بصفته مسؤولا عنهم وعن حالاتهم وهو الطبيب المدرك جيدا لهذا الأمر، وهناك أيضا ممن حصلوا على تذاكر العلاج في الخارج وفرصة السفر إلى الخارج بوسائل أخرى إما عبر نائب أو مسؤول، وهؤلاء يمكن كشفهم بسهولة فهم ممن يخلفون مواعيد الحضور التي تحددها لهم المستشفيات وبسبب عدم حضورهم للمواعيد يطلبون التمديد بل أحيانا كما أنهم ذهبوا للعلاج بالخارج بواسطة نائب يتم التمديد لهم، وكما ذكرت أنهم نسبة ضئيلة لا تكاد تعد أو تذكر أو حتى تؤثر على ميزانية العلاج بالخارج التي تقدر بمئات الملايين.
رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك أعلن وبحسب ما نقل عنه أحد النواب أنه لا رجوع لأي مريض بالخارج ما لم يستكمل علاجه، وهذا ما قامت به وزارة الصحة بعد التحقق من ملفات غالبية المرضى في الخارج، ولكن بقيت حالات للأسف تم إنهاء تمديد علاجهم رغم أنهم لم يستكملوه، وهنا لا يجوز أخذ المرضى المحتاجين وهم الغالبية بذنب المرضى السياح وهم قلة قليلة، ومن تلك الحالات على سبيل المثال لا الحصر مواطنة تم إرسالها إلى نيويورك للعلاج ولكن المستشفى الأميركي باعترافه أعلن أنه أجرى لها عملية بالخطأ فاضطرت لأن تبقى ليقوم المستشفى الذي تعاقدت معه وزارة الصحة بتحديد عملية أخرى لها لإصلاح الخطأ الذي ارتكبه أطباؤه، ولكن وزارة الصحة رفضت التمديد لتلك المريضة وأنهت علاجها، هي لم تتمارض بل أجرت العملية في مستشفى يفترض أن وزارة الصحة بتعاقدها معه تثق به على حياة وصحة المرضى ولكن أطباء المستشفى أجروا العملية بالخطأ وزادوا من مشكلتها الصحية مشاكل أخرى وأعلن المستشفى عبر تقارير قدمها للمريضة أنه يقبل إجراء عملية أخرى لتصحيح الخطأ، وقدمت المواطنة كامل الأوراق التي تثبت صحة ادعائها، إلا أنهم أوقفوا علاجها وأوقفوا صرف مستحقاتها.
سمو الرئيس، المواطنة طرقت كل باب يمكن طرقه، ولكنها لم تجد لا مجيبا ولا مستمعا، وها هي معلقة بين العودة إلى الكويت بخطأ طبي تم ارتكابه بجسدها وبين أن تقوم بالعملية على حسابها وهو ما لا تطيقه ولا تستطيعه، وأنت الذي أعلنت سموك أنه لا عودة لمريض من الخارج ما لم يستكمل علاجه، فما بال سموك بمن أضر بها العلاج بالخارج وتسبب لها بمضاعفات صحية أكبر من تلك التي سافرت من أجل علاجها.
سمو الرئيس لم يتبق أمام المواطنة كما نقلت لي مأساتها سوى بابك، وأنت الذي عرف عنك التفاعل مع أي قضية إنسانية، بالنهاية هي مواطنة كويتية ليست مستحقة للعلاج فقط بل إنها تضررت من العلاج بالخارج بسبب خطأ طبي في مستشفى أميركي تعاقدت معه حكومتنا لعلاج مرضانا.
هي لا تطلب شيئا مستحيلا ولا خارقا للعادة بل تطلب التمديد لها شهرا واحدا فقط من أجل أن تجري عملية تصلح الخطأ الطبي وحدد لها المستشفى الأميركي يوم 19 سبتمبر الجاري موعدا لإجراء العملية، شهر واحد فقط لا تطلب أكثر من أجل إصلاح خطأ طبي ليس لها دخل فيه.
توضيح الواضح: المتمارضون من طلاب العلاج في الخارج كسياحة لا تتجاوز نسبة قليلة، وملف العلاج بالخارج يجب ألا يتم التعامل معه بإصلاحه على رؤوس المرضى بل يجب أن يكون بتعديل القرارات وتحسينها بل وتسهيلها أيضا، فلا أحد يذهب بحثا عن العلاج بالخارج من أجل المتعة أو الفائدة بل بحثا عن العلاج، فلا أحد يتغرب لثلاثة أو أربعة أشهر من أجل أن يدخل المستشفيات إلا إن كان محتاجا ولم يقفوا بالطوابير والمراجعات في إدارة العلاج بالخارج إلا من أجل البحث عن علاج حقيقي، المسألة ليست تكسبا من أي ممن يبحثون عن العلاج في الخارج قدر ما هو حق لهم على دولتهم وحكومتهم بالحصول على خدمات صحية أفضل، وهذا من حقهم، على الاقل جزء من حقهم.
توضيح الأوضح: العلاج في الخارج ضرورة على الأقل الآن وفي ظل الوضع الصحي المحلي القائم فلابد أن يكون العلاج بالخارج مفتوحا على مصراعيه لمن يستحق وهو الاستحقاق الذي تحدده لجان الأطباء في جميع المستشفيات، ومتى ما تم تعديل الوضع الصحي المحلي هنا يمكن أن نقول إنه يجب إعادة النظر في ملف العلاج في الخارج.
[email protected]