توطئة: سأدعو له، وأترحم عليه، وأتصدق عنه.
سنتذكر يوم ١١ أغسطس ٢٠١٧ جيدا، وسنحفظه ككويتيين جيدا جدا، لأنه اليوم الذي ولد فيه الفجر الباكي برحيل العملاق عبدالحسين عبدالرضا الأب الروحي للابتسامة في الكويت والخليج العربي.
لا يمكن ان يكون هناك يوم اكثر حزنا على بلد من يوم يرحل فيه عنها صانع ابتسامتها.
عبدالحسين عبدالرضا لم يكن مجرد فنان من جيل الرواد ولا عملاقا كوميديا ولا هو احد اعلام الفن في منطقتنا كلها فقط، بل هو شخص ساهم بقصد او بغير قصد منه في تشكيل جزء من ثقافة اللهجة الكويتية الحديثة، وساهم في صنع اسلوب خاص للكلام الكويتي المحكي الجديد الذي نعرفه اليوم طوال عقود، وزرع أسلوبه بالكلام في ألسنة ثلاثة اجيال عبر أعماله وتحولت طريقة كلامه الساخرة الى جزء من الأسلوب الكويتي المحكي.
لم يزرع الابتسامة فقط، ولم يترك وراءه أعمالا خالدة، بل ساهم في صناعة جزء من لهجتنا خاصة بين اجيال مواليد الستينيات والسبعينيات والثمانينيات الذي كان له دون غيره من الفنانين دور كبير في تشكيل ثقافتهم وطريقتهم في الحديث اليومي وسكنت جمله ولزماته و«قطاته» الذاكرة الكويتية الى الأبد.
نعم عبدالحسين عبدالرضا جزء رئيسي ومهم وحيوي من الثقافة الشعبية الكويتية الحديثة.
هذا ليس نعيا لعملاق سقطت برحيله الكوميديا، بل اجابة لمن أراد ان يعرف لِمَ نقدّر ونجل ونحترم الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا ونحفظ أعماله.
مَنْ منا لم يكن مسلسل درب الزلق جزءا من حنينه الى الكويت في غربته؟! ومن منا لم يكن اسكتش ما قبل الزواج جزءا حيويا من ذاكرته العاطفية بمراهقته وما بعد مراهقته؟! من منا من لم يتقمص شخصية عبدالحسين عبدالرضا او يستعر لسانه ليبدو اكثر ظرفا؟! من منا من لم تسكن لزمات بوعدنان لسانه؟!
له في كل قلب خليجي شاهده او شاهد أعماله فضل انه زرع فيه ابتسامة او انتزع من صدره المحزون ضحكة انسته حزنه.
لذا وكجزء من رد الجميل لرجل بهذه القامة رحل عنا ونرى برحيله صدمة لم نكن نتوقعها لكون أغلبنا يراه قريبا منه بشكل شخصي، علينا ان نحزن عليه كحزننا على رحيل اقرب الناس لنا، كلنا نعرفه عز المعرفة ونحبه ونقدره وسنظل نحبه، لأنه وببساطة جزء رئيسي من ثقافتنا الشعبية وليس مجرد فنان كوميدي كبير راحل.
توضيح الواضح: رحم الله الفنان عبدالحسين عبدالرضا وأسكنه فسيح جناته، وخالص العزاء لأسرته الكريمة، وأسأل الله ان يجبر مصابهم ويلهمهم الصبر والسلوان، وان يجبر عزاءنا ككويتيين في رحيل شخص نعلم أنه أحبنا ويعلم جيدا أننا أحببناه حتى النخاع.
[email protected]