هذه الأيام تكاد تخلو الكويت كلها من المعارضة الحميدة الحقيقية التي تسعى لتقويم الاعوجاج والفساد دون أدلجة او اتباع لأي من الأطراف المتصارعة من الأجنحة الأربعة الرئيسية، وهؤلاء المعارضون الحقيقيون قلة ولكن اصواتهم لا تزال موجودة اعلاميا على الأقل عبر منصات التواصل الاجتماعي، بالكويتي هم: «كم كاتب وكم مغرد وكم ناشط سياسي وكم نائب سابق»، وهؤلاء لا يجمعهم اي تنسيق سياسي من اي نوع وكل منهم ينتمي الى تيار فكري مختلف عن الاخر، ولكنهم يتفقون دون تنسيق بينهم او حتى معرفة بينهم على ضرورة كشف الفساد في اي من الجهات الحكومية دون استهداف لشخص في كشفهم ذلك قدر ما يستهدفون محاربة وكشف الفساد نفسه واخطاء القرارات الحكومية والتشريعات النيابية والممارسات السياسية التعسفية.
هؤلاء القلة القابضون على جمر المعارضة الحقيقية، في زمن بيع الضمائر وتقسيم البلد والتحزب المقيت والانبطاح للحكومة هم جذوة نار المعارضة الحقيقية.
اهل الصلاح والإصلاح لا يعدون بالعدد، فرجل إصلاحي واحد يساوي في تأثيره بين الناس سياسيا منبطحا يقف وراءه حزب وقواعد انتخابية تغطي عين الشمس.
رجل اصلاحي واحد لا يخشى في الحق لومة لائم يساوي عشرات من السياسيين والناشطين السياسيين المنتفعين والمنقلبين والمتقلبين من اصحاب التصريحات الهلامية.
الحكومة الحالية ليست بذلك السوء، ولكن الحالة السياسية العامة للبلد سيئة جدا ومريضة في ظل غياب المعارضة الحقيقية عن المشهد البرلماني الذي وللأسف حاد عن طريق الرقابة والتشريع الى الدخول في جادة الصفقات السياسية الخاصة، ونحن لم ننتخبكم لتعقدوا الصفقات على ظهور الصناديق التي أوصلتكم إلى البرلمان، بل ان العقد بيننا وبينكم هو اوراق الاقتراع التي ألقيناها في تلك الصناديق وساهمت في وصولكم ونجاحكم لتدافعوا عن حرياتنا ومكتسباتنا الدستورية والشعبية وتذودوا عن جيوبنا التي خرقتها القرارات الحكومية البرلمانية الاخيرة.
سيكون الاختبار السياسي الاصعب لمن يدعون انهم معارضة في المجلس الحالي هو يوم التصويت على مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، فإما ان يقفوا مع الشعب ويصوتوا برد هذا القانون او يصوتوا معه وبالتالي ينكشفون امام الشعب بأنهم لا معارضة ولا هم يحزنون.
وأتحدى أن يعلن اي من النواب الحاليين موقفه الواضح والصريح الان ويقول: «سأصوت ضد قانون ضريبة القيمة المضافة».
البعض خداعا لنا يربط ضريبة القيمة المضافة بأسعار السجائر ولكن هذه نصف الحقيقة، الحقيقة ان ضريبة القيمة المضافة ستتسبب في رفع اسعار الوجبات الغذائية بشكل عام أو جزئي، واذا كنت تخرج من الجمعية بمشتروات الثلاجة بقيمة ٥٠ دينارا فستصبح بعد إقرار ذلك القانون اكثر من ١٠٠ دينار، اي ان كنت ترصد من دخلك ٢٠٠ دينار للمواد الغذائية فسيصبح ما يجب ان ترصده أكثر من ٤٠٠ دينار، هذا ما سيحصل لك ولجيبك عزيزي المواطن.
لم نفق بعد من صدمة زيادة البنزين غير المبررة ولا زيادة تعرفة الكهرباء والماء وسندخل قريبا في صدمة ضريبة القيمة المضافة وسترون.
[email protected]