في العام 1999 كتبت تحقيقا مختصرا «فيتشر» عن نظرة الغرب لنا من وقائع روايات أميركية نشرت في تلك الفترة وكانت تصورنا بمجموعة من البدو الرحل الذين يركبون الجمال بجانب بيوت من الشعر التي تقام بجانب براميل من البترول، واستندت فيه على عدد من الروايات الأميركية التي كانت توزع على موقع أمازون منها رواية «الأميرة الكويتية» وكتاب «كيف يعلمك الكويتيون أن تكون ثريا؟»، وبين العام 1999 واليوم أكثر من 21 عاما، فما الذي تغير عن تلك الصورة النمطية القديمة البالية؟ الحقيقة انه تغير الكثير ولكن ليس إلى الأفضل، فالصورة النمطية الجديدة لدينا كما وجدتها أننا شعب يمشي على الأموال، هكذا يرانا الغرب اليوم، وهذه هي الصورة النمطية الجديدة لنا لدى عامة الغرب، فيقول أستاذ دراسات علمية:«جئت لبلادكم وأنا أعتقد أنكم تسيرون على الأموال» ويضيف: «كنت أظن كما يظن أبناء شعبي أنكم تسيرون على أنهار من الأموال بل وتتعثرون بها وأنتم لا تعلمون، بل والدولة تدفع لكم وأنتم لا تفعلون شيئا»، كان يحمل هذه النظرة كما عرضها على طلبته عن الكويت والإمارات والسعودية وقطر وعمان والبحرين.
ومع ما ذكره الدكتور في محاضرته لطلبته الخليجيين وبين ما كنت قد أوردته في تحقيقي المختصر عام 1999 وجدت أن صورتنا النمطية لدى الغرب تحولت من بدو رحل نرعى الجمال إلى أبرياء نحصل على الأموال دون عمل أو عناء، فبئس الصورتان، فلا نحن بالبدو الرحل أصحاب الجمال وان كان أجدادنا كذلك وهو ما لا ننكره ولا نستكبر عليه، ولا نحن بالتنابل الذين تأتيهم الأموال دون عناء، فنحن نعمل ونكد ونجتهد لنحصل على الدينار والدرهم والريال شأننا شأن بقية البشر من غربيين وغيرهم، فلم هذه الصورة النمطية التي يأسرنا بها الغرب بل إنها صورة نمطية يأسرنا بها حتى بعض العرب ممن لم يعرفوا بلداننا أو يزوروها؟!
حقيقة الأمر أن سببا رئيسيا من تلك الصورة النمطية نحن، لا أعني الحكومة بل الشعب كله بحكومته ومؤسساته وبالطبع جزء من تلك الصورة سببها الإعلام الذي لا نتحكم فيه ولا ندخل طرفا في تشكيله أو رسمه أو تسييره، فأنت ككويتي تسير على الأموال وتغرف من بحر مر الأنواط المالية هكذا يرونك وهكذا سيرونك وهكذا سيعتقدون بك، فلا شيء في إعلامنا حتى الموجه إقليميا من مسلسلات يصور حقيقة المجتمع الكويتي ومعاناته ومعاناة أفراده، فكل مسلسلاتنا - خاصة الرمضانية - تناقش قضايا خيالية من واقع خيالي لأسر ثرية وأفراد أثرياء بقصص لا علاقة لها بالمجتمع لا من قريب ولا من بعيد، فشخوص المسلسلات يسكنون في القصور ويمتلكون الشركات ويتصارعون على ورث بالملايين، ولا يوجد مسلسل واحد من بينها يحكي حقيقة وواقع المجتمع الكويتي الحقيقية، فكل المسلسلات التي تعرض والتي تصور ليست بأكثر من خيال لا يمت لواقع المجتمع الكويتي بصلة، تماما كما مسلسلات أو أفلام الخيال العلمي الأميركية، الفارق أن مسلسلاتنا يصدرونها كحقيقة وهي ليست كذلك.
مشكلتنا الحقيقية انه لا توجد آلية إعلامية حقيقية وواضحة لتصدير صورتنا إلى الآخر.
توضيح الواضح: قرار وزير الإعلام محمد الجبري بوقف الأعمال التي تسيئ إلى ثوابت المجتمع الكويتي الذي اصدره مؤخرا اعتقد انه قرار حكومي متأخر جدا، فالصورة النمطية قد تأصلت فعلا عنا دراميا، والمسؤولية الحقيقية لتعديل هذه الصورة هي أن يأتي من الوسط الفني من كتاب ومخرجين من يساهم في تعديل الصورة عبر طرح الواقعية الكويتية في المسلسلات ويعرض مشكلاتنا من ارض الواقع لا من خيال مسلسلات درامية خيالية ماسخة!
[email protected]