عندما تتشدق بالديموقراطية والحريات وتتحدث عن القمع والمقموعين وسطوة أذرعة السلطة وأنت تصعد إلى الديموقراطية على سلالم القبلية فهنا إما انك كاذب بامتياز أو انك تعاني من عدم فهم حقيقة الديموقراطية التي تتشدق بها، وكلاهما «أضرب» من بعض، عندما يكون خوضك أي انتخابات جمعية تعاونية او ناد رياضي أو جمعية طلابية أو نفع عام وتتحدث كممثل قبلي وان هذا الكرسي الذي ستصل اليه هو كرسي لقبيلتك فأنت أكثر شخص كافر بالديموقراطية، طبعا انت ومن سيصوت لك على هذا الأساس.
***
في مقالي هذا حددت القبلية ودورها في الانتخابات دون غيرها لأنها الأكثر وضوحا في انتخابات الجمعيات والهيئات الطلابية، وتظهر لوحات المرشحين لطلاب يعلنون صراحة أنهم ممثلو قبيلتهم، وهذا ما ينسف تماما مفهوم الديموقراطية بل ينسف الحريات التي ستسقط حتما أمام اول اختبار لها أمام أول احتكاك بين طالبين من قبيلتين مختلفتين مثلا.
***
العودة إلى أحضان القبلية بهذه الطريقة، وفي زمن يفترض أن نكون قد قطعنا فيه أكثر من نصف قرن من الديموقراطية، إنما هي ردة حقيقية ونسف للديموقراطية بل نسف للدستور، وفي مقال سابق لي طالبت بأن يتم اتخاذ إجراء لوقف هذه الانتخابات الطلابية «الفرعية» العلنية، وللأسف ان ما اكتشفته ان حتى بعضا من أعتى المعارضين لم يجدوا أدنى حرج في استخدام النفس القبلي في قضية مواجهة السلطة، وهذا أمر أخطر بعشرات المرات من استخدام طالب للقبلية كسلم للوصول إلى كرسي في الهيئة الإدارية لطلبة أو لجمعية طلابية، فأن تحارب فساد الحكومة كما تدعي ثم تعود لتستخدم القبلية كدرع أو غطاء أو دفاع لك أو لقضيتك، فهذا خطير جدا وينسف مبدأ العدالة نسفا تاما، بل ينسف القبائل كجزء مهم ورئيسي من نسيج المجتمع الكويتي، وهذا ليس كلاما استهلاكيا «كليشيهي» بل إنه الحقيقة الماثلة، ولطالما هاجمنا من يحاول ان يشق صف الوحدة الوطنية بالتهجم على القبائل أو بمحاولة فصلهم سياسيا، لكن ان يقوم بعض من حملة ألوية المعارضة باستخدام القبلية بوجه عنصري فهذا ما لا يبشر بخير، بل إنهم بهذا أخطر ممن حاول شق صف الوحدة الوطنية لأن هذا الفعل بتشجيع أو إذكاء العنصرية القبلية إنما يسهم في انشطار النسيج المجتمعي كله.
***
هنا، لا ترفع لواء الدفاع عن الحريات وأنت ترفع بجانبه راية القبلية العنصرية، أو راية الطائفية، فالأمران هنا لا يستقيمان، لا يتسقان وبعضهما البعض، لا ينسجمان.
***
السياسي الذي خرج من رحم القبلية سيئ، والذي خرج من رحم الطائفية سيئ، لكن الأسوأ هو من خرج من رحم الاثنين.
الأسوأ من الأنواع الثلاثة هو ذلك الذي يحارب استخدام الطائفية والقبلية في الانتخابات ويحرمها على غيره، لكنه في وقت ما ولسبب ما وظرف ما يحللها لنفسه.
لا يا سادة، حرام الأشياء بيّن وحلالها بيّن.
[email protected]