أن تصبح وزيرا فهذا يعني أنك دخلت بحر السياسة بكل تقلباته، وسواء أعجبك أم لم يعجبك ذلك فقدرك مع دخولك يوجب عليك تحمّل كل ما سيأتي، بدءاً من الوجاهة وانتهاء بما ستواجه من حروب.
***
الشيخ سلمان الحمود عندما تسلم مهام وزارة الإعلام في العام 2012 ووزارة الدولة لشؤون الشباب وبعدها تأسيس ورئاسة الهيئة العامة للرياضة والشباب، جاء ليعمل فقط وفق منطلق تحقيق المصلحة العامة، وبطبيعة الحال ونظرا لمركزه كان لابد أن يكون في خضم الحرب السياسية الدائرة، وليست هي هذه المشكلة فمعادلات الأمس تختلف عن المعادلات اليوم وكذلك التحالفات، ولكن رغم هذا كله عمل الحمود على تحقيق شيء من مفهوم تحقيق المصلحة العامة وكان أولها وأهمها بالنسبة له - خاصة في وزارة الإعلام - اختيار الكفاءات وتقليص أي ملاحظات مالية من أي جهة رقابية، ونجح إلى حد كبير في ذلك، خاصة فيما يتعلق بالشق الرقابي، ورغم نظام المحاصصات وتدخلات النواب.
كانت التعيينات تتم في عهده وفق أكبر قدر من البعد عن تلك التدخلات، وكان يفضل اختيار الكفاءة وليس غيرها، ومع هذا لم يسلم، ولكنه في النهاية تمكن بواسطة طريقته العملية السياسية بالتوازن من تحويل وزارة الإعلام من وزارة مهلهلة مهملة إلى وزارة فاعلة تقوم بدورها الذي أنشئت أصلا من أجله، كما نجح في تحويل تلفزيون الكويت من رقم منسي على ريموت محطات التلفزة إلى قناة مشاهدة قادرة على المنافسة وجذب المشاهدين.
***
عمل خمس سنوات، واجه ما واجه حتى استجوابه السياسي غير المستحق، ولا زلت أقول غير المستحق، والغالبية من المحللين يذكرون جيدا الظروف الغريبة المريبة التي أحاطت بيوم الاستجواب وتحولات البوصلات في اقل من ساعة، ولكن تلك ليست قصتي هنا.
***
بتعيينه رئيسا للإدارة العامة للطيران المدني أعاد الحمود سيرة معادلته الأولى، في كل قطاعات هذا القطاع الحيوي، وبدأ بالتعديل، ولعل أهم استراتيجية قام بتبنيها بل وبإعلانها هي تحديث البنية التحتية للقطاع بأكمله بما يكفل ان تستوعب المطارات الكويتية الحالية والقادمة عددا أكبر خلال السنوات العشر المقبلة، أي أن خطاه ورؤيته قام ببنائها لأجل المصلحة العامة وليس لأجل تلميع صورته كمسؤول، فهو منذ وزارة الإعلام و«الشباب» والآن والطيران المدني أسس لأشياء تدوم وتستمر حتى من بعده، ولم يؤسس لمجد شخصي أو مصلحة خاصة، لذا نجح في وزارة الإعلام ونجح في الشباب وها هو ينجح في الطيران المدني.
***
أعتقد أن هذه المنهجية التي نبحث عنها ونريدها في القياديين لدينا، الذين ينظرون إلى ما هو أبعد من الكرسي والتحالفات القصيرة المدى، ممن يضعون المستقبل نصب أعينهم، ومبدأ الشيخ سلمان الحمود مبدأ أثبت نجاحه وفق معادلة اختيار الأكفاء والنظر إلى البعيد وتقديم المصلحة العامة.
***
توضيح الواضح: الحروب السياسية لا تستخدم فيها الحقائق أبدا.
[email protected]