شكّل تاريخ الأول من شهر يناير2016 الانطلاقة الرسمية للعمل من أجل تطبيق أهداف التنمية المستدامة والتي يبلغ عددها 17 وتندرج في إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030 أو ما يعرف بـ «أجندة 2030».
وقد اعتمدت 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، والتي من بينها الكويت، هذه الأهداف خلال قمة وصفت بالتاريخية عقدت في سبتمبر 2015 نظرا للإجماع العالمي الذي شهدته لناحية التشديد على ضرورة التصدي لاحتياجات الناس في البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية على حد سواء.
بداية، ماذا نعني بمصطلح «التنمية المستدامة»؟ التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة، وذلك من خلال تضافر الجهود من أجل بناء مستقبل للناس ولكوكب الأرض ليكون شاملا ومستداما وقادرا على الصمود.
ولتحقيقها، لا بد من التوفيق بين ثلاثة عناصر أساسية مترابطة وحاسمة لرفاه الأفراد والمجتمعات هي النمو الاقتصادي، والإدماج الاجتماعي، وحماية البيئة.
من هنا، أتت أجندة 2030 في هذا السياق كخطة تتسم أفقها بالرحابة والطموح وتتناول الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة المذكورة أعلاه.
وتلزم الأجندة البلدان الموقعة عليها بالعمل خلال السنوات الـ 15 المقبلة من دون التخلي عن أحد ،القضاء على الفقر بجميع أشكاله، ومكافحة عدم المساواة، ومعالجة تغير المناخ، وذلك عبر تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
ويذكر على هذا الهامش أن الأهداف أتت نتيجة عملية تشاركية شفافة استمرت ثلاث سنوات بين الأمم المتحدة وممثلين عن الحكومات والمجتمعات المدنية وكل القطاعات الإنتاجية، وستعمل هذه الجهات معا في السنوات الـ 15 المقبلة.
وتستند هذه الخطة إلى إنجازات الأهداف الإنمائية للألفية، التي اعتمدت في العام 2000 وقادت العمل الإنمائي في العالم خلال السنوات الخمسة عشرة الماضية، وتوسعها لتشتمل على 17 هدفا و169 غاية تتسم جميعها بقابليتها للتطبيق وتراعي اختلاف الحقائق والقدرات ومستويات التنمية الوطنية، وتحترم السياسات والأولويات الوطنية.
وفي هذا الإطار، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان «الأهداف الإنمائية المستدامة الـ17 هي تعبير عن رؤيتنا المشتركة للإنسانية، وهي عقد اجتماعي بين زعماء العالم وشعوبه»، موضحا أن الخطة تمثل «قائمة بالواجبات التي يتعين النهوض بها لأجل الناس والكوكب، وهي برنامج عمل لتحقيق النجاح».
أهداف التنمية المستدامة
اتفقت الكويت إلى جانب الدول المصدقة على خطة التنمية المستدامة أن كل منها سيقوم باستخدام مجموعة من المؤشرات لرصد وقياس التقدم على مستوى كل هدف وغاية، وعرضوها على اللجنة الإحصائية في الأمم المتحدة للموافقة عليها واعتمادها رسميا، وستقوم الحكومات من جهتها بالأخذ بزمام الأمور لناحية جمع البيانات النوعية وتحديثها وتصنيفها لتمكين الأمم المتحدة من القيام بمراجعة سنوية حثية وبالإجراءات التصحيحية اللازمة.
الأهداف السبعة عشر هي التالية:
٭ الهدف 1: القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان.
٭ الهدف 2: القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة.
٭ الهدف 3: ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار.
٭ الهدف 4: ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.
٭ الهدف 5: تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات.
٭ الهدف 6: ضمان توافر الماء وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة.
٭ الهدف 7: ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة.
٭ الهدف 8: تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع.
٭ الهدف 9: إقامة هياكل أساسية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار.
٭ الهدف 10: الحد من انعدام المساواة داخل البلدان فيما بينها.
٭ الهدف 11: جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة.
٭ الهدف 12: ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة.
٭ الهدف 13: اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره.
٭ الهدف 14: حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة.
٭ الهدف 15: حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
٭ الهدف 16: التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات.
٭ الهدف 17: تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
إذن، تغطي الأهداف العالمية الجديدة مروحة واسعة من المجالات وعلى الرغم من أنها ليست ملزمة قانونا إنما تعتبر اختبارا حقيقيا لحكومات العالم لمدى التزامها بالمبادئ التي صادقت عليها.
شراكة إعلامية
ومن أجل الإضاءة على تفاصيل هذه الخطة والإحاطة بالمعلومات المتعلقة بالأهداف الـ 17 ومقاصدها، يقيم مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت شراكة إعلامية مع صحيفة «الأنباء» تتمثل في نشر تقارير منفصلة من إعداد المركز حول كل هدف لمشاركة قراء الصحيفة المعرفة حول الخطة.
فيما يلي، التقرير الثامن عن الهدف الثامن حول تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتوفير العمل اللائق للجميع.
البطالة تسجل في عدادها 75 مليون شابة وشاب حول العالم
الهدف 8: تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتوفير العمل اللائق للجميع
هذا التقرير هو الثامن من ضمن سلسلة التقارير التي ينشرها مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت بالتعاون مع صحيفة «الأنباء» في إطار شراكتهما التي تهدف إلى مشاركة المعرفة مع قراء الصحيفة حول أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، مقاصدها وتفاصيلها.
لقد دفع التقدم البطيء وغير المتكافئ للتنمية الاقتصادية حول العالم معظم الحكومات والهيئات العاملة في هذا الوسط إلى إعادة التفكير في السياسات التي ينتهجونها لتحقيق مستويات أعلى من الإنتاجية، والنظر في كيفية تحسينها عبر الاستعانة بأدوات جديدة في هذا المضمار.
وكما بات من المعلوم، ان الأمم المتحدة وشركاءها بدأت في مطلع العام 2015 العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرها قادة دول العالم في القمة الأممية التاريخية في سبتمبر من العام نفسه.
والهدف الثامن من هذه الأهداف خصص لمعالجة المواضيع الاقتصادية وحمل عنوان: «تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع».
بالأرقام
زادت البطالة في العالم من 170 مليون عاطل عن العمل في عام 2007 إلى زهاء 202 مليون في عام 2012، منهم قرابة 75 مليونا من الشابات والشباب.
أضف إلى ذلك، أن العالم بحاجة إلى 470 مليون فرصة عمل لصالح الداخلين حديثا إلى سوق العمل في الفترة بين الأعوام 2016 و2030.
لكن المشكلة تكمن في أن استمرار انعدام فرص العمل اللائق، وعدم كفاية الاستثمارات، وقلة الاستهلاك يفضي إلى تضاؤل العقد الاجتماعي الأساسي الذي ترتكز عليه المجتمعات الديموقراطية وهو: اقتضاء مشاركة الجميع في التقدم.
وستظل تهيئة فرص العمل الجيد تحديا من التحديات الرئيسية التي ستواجهها الاقتصادات جميعها تقريبا من الآن فصاعدا، لاسيما أنه لن نستطيع يوما القضاء على الفقر إلا من خلال تأمين فرص عمل مستقرة وبأجر جيد.
ويقتضي النمو الاقتصادي المستدام أن تعمل المجتمعات على تهيئة الظروف التي تتيح للناس الحصول على فرص عمل جيد تحفز الاقتصاد دون الإضرار بالبيئة، كما تتيح فرص العمل أمام جميع من هم في سن العمل من السكان، وكل ما يمكنهم من العمل في ظل ظروف لائقة.
مقاصد الهدف
ينطوي الهدف الثامن ضمن أهداف التنمية المستدامة على مجموعة مقاصد شاملة، يمكن لأي بلد أن يحققها بحلول عام 2030 إذا ما التزمت معا الأطراف الحكومية وغير الحكومية العمل من أجلها، ونذكر منها:
- الحفاظ على النمو الاقتصادي الفردي وفقا للظروف الوطنية، على أن تكون نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي 7% على الأقل سنويا في أقل البلدان نموا.
- تحقيق مستويات أعلى من الإنتاجية الاقتصادية من خلال التنويع، والارتقاء بمستوى التكنولوجيا، والابتكار من خلال التركيز على القطاعات المتسمة بالقيمة المضافة العالية والقطاعات الكثيفة العمالة.
- تعزيز السياسات الموجهة نحو التنمية والتي تدعم الأنشطة الإنتاجية، وفرص العمل اللائق، ومباشرة الأعمال الحرة، والقدرة على الإبداع والابتكار، وتشجع على إضفاء الطابع الرسمي على المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم، ونموها، وذلك من خلال الحصول على الخدمات المالية.
- تحسين الكفاءة في استخدام الموارد العالمية في مجال الاستهلاك والإنتاج تدريجيا حتى عام 2030، والسعي إلى فصل النمو الاقتصادي عن التدهور البيئي، وفقا للإطار العشري للبرامج بشأن الاستهلاك والإنتاج المستدامين، مع اضطلاع البلدان المتقدمة النمو بدور الريادة.
- تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق لجميع النساء والرجال، بما في ذلك الشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، وتكافؤ الأجر لقاء العمل المتكافئ القيمة.
- الحد بدرجة كبيرة من نسبة الشباب غير الملتحقين بالعمالة أو التعليم أو التدريب.
- اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمالة الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود.
- حماية حقوق العمل وتعزيز بيئة عمل سالمة وآمنة لجميع العمال، بمن فيهم المهاجرون، وخصوصا المهاجرات، والعاملين في الوظائف غير المستقرة.
- وضع وتنفيذ سياسات تهدف إلى تعزيز السياحة المستدامة التي توفر فرص العمل وتعزز الثقافة والمنتجات المحلية.
- تعزيز قدرة المؤسسات المالية المحلية على تشجيع إمكانية الحصول على الخدمات المصرفية والتأمين والخدمات المالية للجميع، وتوسيع نطاقها.
- زيادة دعم المعونة من أجل التجارة للبلدان النامية، وبخاصة أقل البلدان نموا، من خلال الإطار المتكامل المعزز للمساعدة التقنية المتصلة بالتجارة.
- وضع وتفعيل استراتيجية عالمية لتشغيل الشباب وتنفيذ الميثاق العالمي لتوفير فرص العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية.
لدي وظيفتي. لماذا يجب أن أهتم بموضوع العاطلين عن العمل؟
٭ يستفيد المجتمع ككل عندما يصبح المزيد من الناس منتجين ويساهمون في نمو بلدهم. فالعمالة المنتجة و«العمل اللائق» من العناصر الأساسية في تحقيق عولمة عادلة والحد من الفقر.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي البطالة إلى مشاكل متعددة وزعزعة السلام إذا تركت من دون علاج.
ماذا تعني عبارة «العمل اللائق»؟
٭العمل اللائق يعني توفير الفرص للجميع للحصول على عمل منتج يدر دخلا عادلا، ويحقق الأمن في مكان العمل والحماية الاجتماعية للأسر، ويكفل مستقبلا أفضل لتطوير الذات والاندماج الاجتماعي. كما أن من المهم أن يتوافر تكافؤ الفرص في مكان العمل لجميع النساء والرجال.
واستمرار انعدام فرص العمل اللائق، وعدم كفاية الاستثمارات، وانخفاض مستويات الاستهلاك، تؤدي إلى تآكل العقد الاجتماعي الأساسي الذي تقوم عليه المجتمعات الديموقراطية، انه لابد من تقاسم التقدم بين الجميع.
ما الذي يمكننا القيام به لإصلاح هذه المسائل؟
٭ إن توفير أفضل فرصة للشباب للانتقال إلى وظيفة لائقة يتطلب الاستثمار في التعليم والتدريب بأعلى مستويات الجودة الممكنة، وتزويد الشباب بالمهارات التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل، وإتاحة الفرصة لهم للوصول إلى الحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية بغض النظر عن نوع التعاقد معهم، فضلا عن تهيئة فرص متكافئة للجميع بحيث يتسنى لجميع الطامحين منهم الوصول إلى العمالة المنتجة بغض النظر عن نوع الجنس أو مستوى الدخل أو الخلفية الاجتماعية والاقتصادية.
ويمكن أن تعمل الحكومات على إقامة اقتصادات دينامية ومستدامة ومبتكرة تتمحور حول الناس، وتعزيز فرص العمل للشباب، والتمكين الاقتصادي للمرأة، على وجه الخصوص، وتوفير العمل اللائق للجميع.
ويمكن للسلطات والمجتمعات المحلية تجديد المدن والتجمعات البشرية وتخطيطها، بما يكفل تعزيز تماسك المجتمع المحلي والأمن الشخصي، وتحفيز الابتكار وفرص العمل.
آخر الأخبار
أقل البلدان نموا لاتزال «متخلفة» عن ركب أهداف التنمية المستدامة
لا تزال أقل البلدان نموا في العالم «متخلفة» عن مسار تنفيذ الجدول الزمني للتنمية المستدامة الذي حدد خلال برنامج عمل إسطنبول على «الرغم من بعض التقدم»، هذا بحسب وكيلة الأمين العام والممثلة السامية لأقل البلدان نموا والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية، فيكيتامولوا كاتوا أوتوكامانو.
وأتى تعليق أوتوكامانو خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته في مقر الأمم المتحدة لتقديم الطبعة الرابعة من التقرير السنوي الرئيسي حول أقل البلدان نموا، والذي أنتجه مكتبها.
وقالت وكيلة الأمين العام: إن هدف برنامج إسطنبول في نهاية عام 2020 يركز على السياسات الوطنية وتدابير الدعم الدولي للحفاظ على النمو وتعزيز التجارة وتعبئة الموارد وزيادة القدرة الإنتاجية.
وأشارت إلى أن بعض مؤشرات التنمية قد توقفت عند معدل معين، أو تراجعت إلى الوراء، مضيفة «بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في أقل البلدان نموا 3.8% في عام 2015، وهو أدنى مستوى سجلته المجموعة في العقدين الماضيين، أما معدل النمو المستهدف لأقل البلدان نموا بحلول عام 2020 هو بنسبة 7%»، مشيرة الى أنه في حين أن الفقر آخذ في الانخفاض في بعض أقل البلدان نموا، لكن هدف القضاء عليه مازال بعيد المنال.
وتظهر أحدث البيانات المتاحة في حوالي ثلث أقل البلدان نموا، أن 50% من السكان أو أكثر لا يزالون يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم الواحد.
لمزيد من التفاصيل حول الخطة يمكن زيارة الموقع التالي:
www.un.org/sustainabledevelopment
ولآخر الأخبار والمستجدات المتعلقة بالخطة، زوروا موقع مركز الأمم المتحدة للإعلام:
www.unicbeirut.org
إعداد: مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت بالتعاون مع صحيفة «الأنباء»
إقرأ أيضاً