هل سيستمر مسلسل وأد المواطن على مسرح التنفيع أم أننا سنشهد خلال الفترة المقبلة حالة من الصحوة الضميرية للبعض ليقروا بأن المواطن يذبح بالقرارات الصادرة، ويقع ضحية تجار الخدم وبعض الداعمين لهم الذين لا هم لهم إلا ملء الجيوب في حين نبقى نحن الخاسر الأكبر؟
تقدم النائب الفاضل كامل العوضي باقتراح لإنشاء شركة مساهمة للعمالة المنزلية فاستبشرنا خيرا، وقلنا: إن همومنا ستزول، ولن تكون هناك أعباء مالية ضخمة في انتظارنا، ولكننا فوجئنا بأن هذا الاقتراح قوبل بالرفض، وما زاد من دهشتنا أنه بقي حبيس أدراج اللجنة الصحية في مجلس الأمة 9 أشهر.
لا أعلم حقيقة ما الملفات المهمة التي يناقشها مجلس الأمة اليوم والتي أقرها خلال الفترة الماضية، وكانت في صالح المواطن أكثر من هذا الاقتراح، ولكنني أعلم جيدا أن أحلامنا تسرق في وضح النهار، وترفض العديد من الاقتراحات التي تسهم في سعادتنا.
لصالح من؟ الجواب على هذا السؤال لا يقدم ولا يؤخر، ولكني أريد القول: إن علينا أن نفي بالوعود التي قطعناها على أنفسنا قبل دخول مجلس الأمة، ونضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، فوجود مؤسسة مساهمة للعمالة المنزلية سيقلل الأعباء الملقاة عن عاتقنا، فهل يعقل أن نسدد 1300 دينار لاستقدام العمالة، وتضاف عليها نفس القيمة تقريبا تقتطع من جيب المواطن وذلك كراتب شهري للخادمة لمدة سنة واحدة، فإذا كان متوسط راتب الخادمة شهريا 120 دينارا فإن حاصل راتبها سنويا 120 دينارا × 12 شهرا = 1440 دينارا.
اقتراح النائب العوضي لم يأت إلا عن دراسة متأنية ودقيقة ومعلومات صحيحة، فالنائب كان يوما من الأيام مديرا عاما لإدارة الهجرة، ومنصبه هذا جعله على اطلاع على كافة التفاصيل وخفايا ما يجري من استغلال عن طريق مكاتب الخدم، ولا شك أنه رأى أن المواطن وفق القانون القديم ينحر من الوريد إلى الوريد، فكيف يستطيع أن يوفر لأبنائه كل ما يريدون ويعيش حياة هانئة وهو يرى أن القوانين تكبله وتفرض عليه أموالا طائلة لاستقدام سائق أو خادمة.
كل يوم نسمع تسعيرة جديدة، واتفاقات سرية بين أصحاب المكاتب، بالطبع ليست نحو الأقل وإنما للأعلى، فالعقارب لا تسير إلا إلى الأمام، ولا يمكن أن تعود أبدا، أين مجلس الأمة من هذا كله، أين من اخترناهم للوقوف معنا، أليسوا مواطنين، ألا يدفع كل منهم المال لاستقدام الخدم؟
الرفاهية للأسف باتت حكرا على قوم دون آخرين، والمواطن أيا كانت قدرته المالية فمن حقه الدستوري ان يعيش بكرامة، فمن منا لا يحتاج إلى خادمة أو أكثر في البيت، هل يعقل أن يتعرض الكويتي للإذلال من مكاتب الخدم ويدفع 4 آلاف دينار على سبيل المثال لتوفير احتياجاته، والسؤال من أين سيأتي بهذه الأموال؟
تفاءلنا باقتراح النائب العوضي، فالقانون القديم أذل المواطن وجعله لقمة سائغة في فم مكاتب استقدام العمالة، وزاد الطين بلة أنه يتحمل أقساطا للوفاء بالالتزامات لهذه المكاتب التي أعدها متآمرة علينا جميعا، ولا حل إلا بإنشاء شركة مساهمة أو أكثر لرفع الظلم والقضاء على مافيا الاستغلال.
لدي سؤال أريد الجواب عليه، من الذي يحدد أسعار استقدام العمالة المنزلية، ومن الذي يتلاعب ببورصتها، فلو أنني قمت شخصيا بعملية إحضار العمالة بشكل رسمي بعيدا عن هؤلاء مع الذهاب إلى السفارة وتوقيع عقد العمل لن ادفع أكثر من 400 دينار، شاملة جميع التكاليف، فأين الجهات المعنية؟ أين وزارة الداخلية؟ ولماذا السكوت على هذا التجاوز الصارخ والتلاعب بالمواطن، وتحميله فوق طاقته؟
أين الخطأ في إنشاء شركة تقوم بالحفاظ على حقوق الطرفين، تلتزم بتأهيل العمالة وتدريبها في مراكز متخصصة قبل دخولها البلاد، تعمل على إنشاء مراكز استقبال وإقامة في حالتي الوصول والمغادرة، تقوم بتزويد المراكز بوسائل المعيشة والإقامة الانسانية الملائمة ووسائل الاتصال والإشراف، مع استخدام الوسائل الحديثة، بما في ذلك البرمجيات ونظم وأجهزة حفظ المعلومات وسائر البيانات الشخصية عن العمالة التي يتم استقدامها بمعرفة الشركات وطرق تحديد الهوية لكل منهم.
هذه الافكار ليست ضربا من المستحيل ولا الخيال، وخاصة انها طبقت في دول خليجية مجاورة اقتبست أفكارها من مقترح النائب كامل العوضي عندما كان مديرا عاما للهجرة، ولكن كعادتنا دائما نأتي متأخرين ولا نستغل الافكار الجديدة التي يقدمها أبناء الكويت للكويت..
أخيرا أقول: لن نسامح كل من وقف في طريق إنصافنا، لن نقبل أن توضع الاقتراحات البناءة في الأدراج السحيقة فهذه حقوقنا، لا نريد قوانين تنفيعية على حسابنا، أدعوكم للوقوف معنا، لا ضدنا، فالاقتراح سيبقى يلاحق من رفضه او حاربه حتى إقراره، وستكونون انتم الخاسرين في نظر الشعب وفي نظر ناخبيكم الذين ينتظرون الكثير منكم لتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهلهم.