يحتار المرء من أين يبدأ في عرض تفاصيل زيارة الوفد الإعلامي الكويتي الى العراق الشقيق، فكل محطات الزيارة كانت مهمة وتكشف لك جانبا من المشهد العراقي الجديد وكل شخصية أو مسؤول التقيناه يحمل فكرا ورؤية جديدة ومتميزة عمن سواه، ولكن سنحاول وفي عجالة سريعة وفي عدد من المقالات استعراض أبرز محطاتها بترتيب الوصول اليها حسب برنامج الرحلة، فمنذ ان وطأت أقدامنا مطار أربيل عاصمة إقليم كردستان، لاحظ الجميع جمال الطبيعة والطقس والناس وورش الأعمال والعمران واستتباب الأمن والأمان في عاصمة إقليم كردستان، وهذا يعد نتيجة طبيعية لاستقرار الأوضاع منذ اكثر من 20 عاما، وتحديدا منذ دحر القوات الصدامية الغازية عن الكويت ووضع شمال العراق تحت الحماية الأممية، وفي لقاء الوفد مع رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني الذي كان واضحا وصريحا في عرض تطلعات شعبه وآمالهم، حيث يرى ان حق تقرير المصير هو حق لا شبهة فيه للشعب الكردي وان اختيار الأكراد للاندماج والوحدة مع باقي اجزاء العراق هو خيار اختياري وليس إجباريا بشرط ان يكون العراق ديموقراطيا فيدراليا، بل وأكد البرزاني على انه «من اللحظة التي يتولى فيها النظام حاكم دكتاتوري، فسنعلن الانفصال ولن نبقى دقيقة واحدة ولن نكرر تجربة صدام وحزب البعث»، وهذه الرؤية بنظري هي صمام أمان لعراق المستقبل، فكلفة أي وحدة قسرية بلغة السلاح والإجبار والدماء والدموع وحملات الانفال وحلبجة وغاز الخردل والسيانيد، هي اكثر بكثير من كلفة الانفصال، وتجربة السودان خير مثال حي أمامنا، وهي رسالة واضحة لا لبس ولا شبهة فيها للحكومة المركزية في بغداد ولجيران العراق كافة، وتعتبر كذلك صمام أمان للعراق الجديد فلا يوجد ممن تهمه مصلحة العراق وشعبه وجيرانه والمنطقة من يسعى لإعادة إنتاج ودعم دكتاتور جديد في العراق تحت أي مسمى وتحت أي تبرير، فالشعب العراقي اختار طريق الديموقراطية وبتوقيع ممهور بدماء الملايين من أبناء شعبه الذين اكتووا بنار الصداميين وحروبهم المجنونة ومغامراتهم العبثية على مدى اكثر من 4 عقود، ولا يحسبن أحد ان بإمكانه إعادة عقارب الساعة الى الوراء، فالمارد العراقي خرج من قمقم الطواغيت والجبارين والدكتاتوريات الى الأبد، وعلى جميع من تهمهم مصلحة العراق وشعبه مساعدة العراقيين والوقوف الى جانبهم الآن وليس غدا في سرعة تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العراق، فأحوج ما يحتاج المرء اخوانه في أيام الشدة لا أيام الرخاء التي يتسابق فيها الجميع لإظهار عونهم ومساندتهم وكما قال شاعر العرب معاتبا اخوانه:
فما أكثر الاخوان حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
من هنا فإن دعوة القيادة الكردية والرئيس البرزاني تحديدا لفتح قنصلية كويتية في كردستان العراق هي دعوة جديرة بالأخذ بعين الاعتبار خاصة ان دولا كثيرة سبقتنا الى ذلك وبالاضافة الى ان القيادة والشعب في كردستان يحملون كل الود والتقدير والاحترام للكويت وشعبها وقيادتها، فكلانا عانى الأمرين من طاغية العراق المقبور وكلانا يحمل رغبة صادقة بعلاقات طبيعية آمنة مستقرة مع أشقائه بلا تسلط أو رغبة في السيطرة أو الاحتواء ومجالات التعاون والاستثمار كثيرة ومتعددة وهناك ارضية خصبة لاستثمار رجال الأعمال هناك، وكم كان جميلا ان وجدنا هناك بعض الاستثمارات الكويتية ومراكز التسوق مثل سيتي سنتر وعطور الشايع التي فاحت روائحها الطيبة في اجواء كردستان.
أما حكايتي مع المواطن الكويتي من عائلة الكندري الكريمة والمقيم في كردستان والذي التقيناه في المجمع التجاري الشهير في اربيل فتلك حكاية اخرى قد نقصها عليكم بعد استكمال مقالاتنا عن رحلتنا الممتعة الى العراق.
[email protected]