(ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما).. آية قرآنية تنبهنا وتحذرنا وتوجهنا إلى احترام الآباء والأمهات وبرهما البر الحسن.. وكم هو جميل أن ننتبه إلى برهما في حياتهما قبل فقدهما ورحيلهما.
بر الوالدين ورضاهما لا يختلف عليها اثنان، ولكن لماذا نغمض أعيننا ونغض الطرف على بر الأبناء الذي هو اللبنة الأولى لبر آبائهم.. أجل هل فكرنا في بر أبنائنا حتى يبرونا بالكبر، أم نطالبهم فقط بأن يبرونا ويطيعوننا طاعة عمياء على كل ما هو مناف للقيم والأخلاق البشرية؟
(وصاحبهما في الدنيا معروفا).. أجل وصاحبهما ولم يقل ونصاع لهما.. (وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).. آيات كثيرة وعديدة وجميلة بمعناها ومضمونها .. ولكن الويل لمن فسرها على حسب مزاجه وأهوائه.
بر الآباء هو برهم لأبنائهم.. كل يوم وكل صباح تطلع علينا في صفحات الجرائد جرائم عقوق يقشعر لها البدن وتجمد لها المآقي والمحاجر.. هل هذا العقوق وليد الصدف والتربيات الغريبة التي طرأت على المجتمع والتي يستخدمها البعض شماعة لأخطائهم في التعامل مع أبنائهم وتربيتهم غير السليمة.
يتجاهل الآباء أبناءهم لانشغالهم بملذات الحياة من مال وعتاد دنيوي متناسين العتاد الأخروي وهي الأمانة التي حملهم إياها الله جل جلالة.. عقوق بعض الآباء للأبناء تبدأ من التربية السيئة حتى وقت حصادها بالكبر والمشيب .. نرى دخول الأبناء في دهاليز المحاكم حتى يحصل على أدنى حق له كفله الدين والعرف ويتصارخ الأب بأن الابن عاق، لماذا لا تكون أنت أيها الأب العاق والعاصي لرحمة ربك التي رحمك بها وهي أولادك الذين يحملون بين جنابتهم احتراما وحبا لك؟ ولكن حرمان الأبناء من حقوقهم المادية التي نص عليها الشرع والعرف من تربية حسنة ونفقة ومسكن وتعليم، ألا تعد هذه الأمور من العقوق التي تكبر معهم حتى يردوها وقت تسديد الديون، ترد في حياتنا الدنيا وترد عند مليك مقتدر.
كم هو قاس هذا الزمن الذي يعق الأب أبناءه ويعق الأبناء آباءهم من أجل عقوقهم وتجبرهم وتسلطهم .. لنعيد البصر كرتين ونعيد النظر فيما آلت إليه أحوال الأسر بيوم الأسر التي أصبحت هشيما تذروه الرياح.
[email protected]