أَنَّى نظرت حولك تراءى لك شبح من بعيد، هواجس، قلق، خوف لا من ماض أسير في داخلنا وحسب، بل في مستقبل نخشى أنه بات غريبا مجهولا، قد يكون من المرير إذا لم نحضر له مسبقا ونعمل قدر المستطاع على التوازن بين العادات والتقاليد وعبق التاريخ بين أصالة الماضي وروعة المستقبل، مع التنافس والسرعة العالمية التكنولوجية.. فنحن أمام جيلين، بأيديهما مستقبل البلاد، جيل الفكر، وجيل التقنيات، فالكل على عجلة من أمره، صراع في صلب الحياة، وسباق لا نهاية له ولا حدود، ترى من يقودنا إلى طريق لم نرسمها أو نخطط لها ولا نعرف حتى ما الهدف الذي ننشده آخر المطاف؟ إن أقل ما يمكن أن نقول عن عالمنا اليوم إنه عالم غريب، كيف لا وقد أصبحنا بين ليلة وضحاها في غربة عن عاداتنا، وتراثنا وتقاليدنا، لا خصوصيات، لا حدود، انفتاح، تكنولوجيا، تطور، مفردات رنانة أغشت أبصارنا وسرقت منا النوم والأحلام.. فهل تتخيل نفسك تقف في تحد أمام «روبوت» قد يحل يوما ليس ببعيد مكانك، علما أنك اخترعت هذا الجهاز بنفسك؟! إنني لا أقول ما أقول لتزداد ترددا وخوفا أو لتخشى الانفتاح والتغيير.. فكلاهما مطلبان أساسيان بل سنة الحياة، فطرها الله لتستمر الحياة وتتطور مع متطلبات الإنسان وحاجاته..
ولكنني ما أسعى إلى قوله هو مدى أهمية أن نستشرف مستقبلنا، ونشارك في صناعته، فلم يعد من المقبول أن تكون ذلك الصفر الذي يتأثر ولا يؤثر، ونستورد دائما دون أن نفكر، كيف يمكن أن نصدر؟ علينا أن نكون رقما صعبا في الزمن الأصعب، علينا أن نعيد التدقيق، والتأمل فيما حولنا لإعداد منهجية واضحة لما نطمح الى أن نكون عليه.. أن نعزز تراثنا وعاداتنا وقيمنا في نفوس أبنائنا كي نحمي هويتنا، فلا نريد جيلا بلا هوية أو عنوان..
نحن نعيش في واقع تغير الأوضاع، وتطور الحياة لذلك نحن في شتى المجالات سواء اقتصادية، أو اجتماعيه وحتى في العادات والتقاليد نجد التغير أمرا صعبا فهذا الجانب الثابت لا يتغير ولا يتبدل ما دام الإنسان إنسانا ولا يتسرب التغير إليها لكي لا ندمر منهج القيم التي تبث إشراقات مضيئة للمجتمع، لذلك علينا التوازن بين جيلين بات وجودهما أمرا واقعا في كل المجتمعات والروابط الإنسانية والعائلية، لنبني ونصنع من جديد، نعم علينا إعادة النظر في الطرق التربوية والمفاهيم، والمهارات والسرعة والنظرة المادية.
[email protected]