يقول المنظر الأدبي الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد إن العربي كما يظهر في السينما الأميركية: سادي، خؤوف، منحط، تاجر رقيق، راكب جمل، وغد، إرهابي، يقتل الأبرياء..
ذكرتني بتلك المقولة قصة أرسلها لي أحد الاصدقاء تحكي عن كلب شرس هاجم طفلا في مدينة نيويورك.. فرآه أحد المارة فهرع إليه لينقذه فانقض على الكلب وقتله.
صحافي في إحدى الصحف المحلية بنيويورك شاهد ما حدث فالتقط بعض الصور ليوثق الحدث ويحكي القصة وشجاعة الرجل، فاقترب من الرجل وقال له: شجاعتك البطولية ستنشر غدا في عدد خاص تحت عنوان: «شجاع من نيويورك أنقذ طفلا».. فأجابه الرجل: أنا لست من نيويورك، فقال له الصحافي: إذن سنكتب: شجاع أميركي أنقذ طفلا، فأجابه: أنا لست أميركيا، أنا مسلم من باكستان.
في اليوم التالي صدرت الصحيفة وكان الخبر فعلا في الصفحة الأولى بعنوان: مسلم متطرف ينقض على كلب في حديقة بنيويورك ويودي بحياته.. والـ f b i تبدأ تحقيقا في إمكانية وجود علاقة بين الرجل وتنظيم القاعدة..
وفي دراسة قام بها معهد العلاقات الدولية الألماني عن الصورة التي يحملها أغلب الأوروبيين عن المجتمعات الإسلامية، طرح المعهد سؤالا وهو: ماذا تفكر عندما تسمع كلمة إسلام؟ على عينة تمثل مختلف الشرائح الاجتماعية، وكانت إجابات نحو 75% من المشاركين أن الاسلام يعني بالنسبة لهم قمع المرأة والتطرف والارهاب، في حين قدم 25% إجابات تعكس رؤية افضل للاسلام.
وهناك ناقد سينمائي أميركي من أصل لبناني رصد هذه النظرة وأجرى مسحا نقديا موثقا ومحللا لما يقرب من ألف فيلم هوليوودي يظهر فيه العربي بصورة سيئة.
وهو جاك شاهين في كتابه «العرب الاشرار: كيف تشيطن هوليوود شعبا؟» بالانجليزية عن منشورات غصن الزيتون الاميركية عام 2001.
لماذا هذه النظرة وهذا التعمد في تشويه صورة العربي والمسلم في وسائل الاعلام الغربية؟ أظن أن من بين الأسباب أن الغرب نفسه يقف وراء هذه النظرة عن حقد، كما فعل بعض المستشرقين عامدين لأغراض خاصة بهم أو بدولهم، عندما زوروا مشاهداتهم في بلاد المسلمين ولفقوا شهادات ضد المسلمين، إضافة إلى أفعال بعض المسلمين غير الواعين بدينهم، ممن لا يخافون على الإسلام أو صورته، ولا يهمهم إلا مكاسبهم الشخصية، فضلا عن تقصير البعض الآخر في اتباع تعاليم الاسلام وهو ما يجعل المواطن الغربي لا يصدق حقيقة الإسلام السمحة ولا يقتنع به لانه لا يرى إلا ما يعاينه امامه من مواقف وسلوكيات تتنافى مع الاخلاق، ومما يؤسف له أن إعلامنا العربي والإسلامي لم يستطع حتى الآن أن يواجه ذلك السيل من الإساءات وتلك الحملات الإعلامية المغرضة.
وعلى العكس نجح اليهود من خلال وسائل الإعلام العالمية التي يسيطرون عليها في تغيير صورة اليهودي لدى الأمريكان والأوروبيين من إنسان بخيل، خبيث، جشع، سفاك دماء، مرابٍ، إلى صورة مشرقة تظهر اليهودي بأنه إنسان ذكي وشجاع ومخترع، لانهم تنبهوا مبكرا لدور الإعلام وخطورته.
ولم يكتفوا بذلك بل تعمدوا تشويه صورة العربي كما في أفلام والت ديزني ومغامرات «جيمس بوند» و«إنديانا جونز».
أخيرا: لا أدعي أن تلك هي النظرة السائدة عند جميع الأوروبيين فهناك لا شك في الغرب أصوات معتدلة تنظر إلى العلاقة بين الإسلام والغرب بموضوعية وإنصاف وإلى العربي والمسلم نظرة ليست قاتمة، ولكن ما حجم هؤلاء وعددهم، وما حجم نفوذهم بالقياس الى حجم ونفوذ الأغلبية الأخرى؟
[email protected]