يطلع علينا بين الحين والآخر من يوجه سهام النقد والتشكيك الى الإسلام، فيتحدث عن مبدأ أو أصل من أصول الدين ويتناوله بسخرية واستهزاء بدعوى «الإبداع» وأنه لا حدود للإبداع، والحال تلك نراها في بعض الأفلام والمسلسلات والكتب والروايات ودواوين الشعر، التي تعج بالسخرية من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ودينه، والتطاول والتندر على ثوابتنا وقيمنا الشرعية، فهذا يسخر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وزواجه بتسع نساء، وهذا يسخر من إقامة الحدود الشرعية ويقول إن في إقامتها وحشية وقسوة، وغيره وغيره.. وإذا اعترض شخص ما على ما يكتبونه قالوا إنه يحارب الإبداع، ويريد أن يعود بنا الى عصور الرجعية والتخلف!
وسأذكر هنا مثالا واحدا من هذا التطاول والاستهزاء الذي يعف اللسان عن ذكره ولكن أسوقه للتدليل فقط، يقول عبدالوهاب البياتي: «الله في مدينتي يبيعه اليهود، الله في مدينتي مشرد طريد، أراده الغزاة أن يكون لهم أجيرا شاعرا.. »، هل ذلك إبداع؟!
وأتساءل هنا: ما الفرق بين من نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في أوروبا ومن يهدم أصلا من أصول الدين أو يسخر من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوى حرية الإبداع؟ لقد انتفض المسلمون في مختلف البلدان عندما نشرت تلك الرسوم وأقاموا التظاهرات منددين ورافضين لهذا التصرف، ونسوا أن فيهم أناسا يعيشون بين ظهرانيهم يقومون بالأمر نفسه ولكن بطريقة غير مباشرة.
لماذا يسمى الهجوم على الدين وثوابته حرية رأي وإبداع، وحين ينتقد شخص ما ذو حيثية تقوم الدنيا ولا تقعد؟!
ماذا سيستفيد الشاب أو الفتاة عندما يرى مشهدا خليعا في أحد الأفلام أو المسلسلات، أو عندما يقرأ رواية تعج بالإثارة وتحريك الشهوة إلى درجة وصف لحظات الجماع بين الرجل والمرأة؟!
إن هؤلاء هانت عليهم عقيدتهم ودينهم فراحوا يوجهون له سهام التشكيك ويرمونه بالدعاوى الباطلة، والمحزن أنهم يجدون شخصيات وهيئات تساعدهم وتدعمهم، فينشرون لهم ويروجون لهم أفكارهم المسمومة، بل ويكرمون في مختلف المحافل وتطلق عليهم ألقاب مثل المفكر، والأديب، والمبدع..! إن الإبداع يجب أن يساهم في نهضة المجتمع وليس في هدمه وإشاعة الرذيلة وإسقاط القيم والمبادئ بدعوى حرية الإبداع.
لماذا لا تعمل وزارات الثقافة والإعلام في الدول الإسلامية والعربية خاصة على وقف هذه الأعمال والكتب التي تهدم القيم وتسيء الى عقيدتنا وتحجم هذا البلاء المسمى بالأعمال الأدبية والفنية؟! والسؤال هنا: هل عرضت هذه الكتب وهذه الأعمال على لجان وهيئات الرقابة؟ وما المقاييس والمعايير التي على أساسها يجيزون أعمالا ويمنعون أخرى، وكيف يتم اختيار أعضاء تلك الهيئات؟ هل هم مجرد موظفين ممن يصيبهم الدور في التوظيف الحكومي أم أنهم يختارون بعناية وبدقة ممن لديهم قدر من الثقافة والالتزام والغيرة على دينهم؟
يجب أن تكون هذه الهيئات ذات فاعلية أكثر من حيث التنقيح والتمحيص فيما يعرض عليها لمنعه وما نشر ومر لمصادرته، حتى لا يحدث هؤلاء بلبلة في عقول الشباب والبسطاء من الناس ويلبسوا عليهم دينهم.
همسة أخيرة: إن مجتمعاتنا ذات الصبغة الإسلامية لها طبيعتها وواقعها وخصائصها المختلفة تماما عن طبيعة وواقع وخصائص مجتمعات أوروبا، التي يريدنا هؤلاء أن نقلدهم في كل شيء حتى لو كان طالحا، وليس كل ما يصلح هناك يصلح لدينا.
[email protected]