«أرنولد آبوت» أميركي يبلغ من العمر 90 عاما، كان يسير يوما مع اثنين من رفاقه في حديقة ساوث فلوريدا بولاية فلوريدا الأميركية، فوجد عددا من المشردين، فقدم لهم بعض الطعام. فيراه شرطي ويمسك به وتوجه له تهمة «إطعام مشردين» علانية، ويواجه أحكاما بالسجن والغرامة في أول تطبيق رسمي لقانون جديد بفلوريدا يجرم إطعام المشردين. وعقوبة مخالفة هذا القانون تصل إلى السجن إضافة إلى غرامة 500 دولار.
وفي أغسطس الماضي قتل شاب أسود يدعى «مايكل براون» على يد شرطي أبيض في مدينة فرجسون بولاية ميزوري، وصدر قرار هيئة المحلفين بتبرئة الشرطي. وبعدها لقي شاب أسود ايضا مصرعه في 24 ديسمبر الماضي في ضاحية سانت لويس في ولاية ميسوري برصاص شرطي أبيض. تلك الأحداث التي تستيقظ بين الحين والآخر وغيرها الكثير مما تلاقيه الأقليات «ومن بينهم المسلمون» في أميركا وبلاد الغرب تثبت أن بذور العنصرية في تلك الدول مازالت عالقة في النفوس رغم كل قوانين المساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان التي يتشدقون بها ليل نهار ويستخدمونها كسهام يرمون بها غيرهم من المجتمعات والدول المخالفة لهم في السياسات والتوجهات. إن لغة الأرقام لا تكذب، لقد أشار تقرير صادر عن مكتب التحقيقات الاتحادية الأميركي «fbi» في 2009 الى تزايد عدد جرائم الكراهية في أميركا، ووصل الرقم إلى 5 آلاف جريمة، و542 ضحية، وذكر أن 72.6% من الجرائم التي ارتكبت كانت بدافع الكراهية ضد السود. وقد أثبت التقرير وجود تفاوت كبير في الدخل بين السكان البيض والسود، ففي حين كان متوسط الدخل السنوي للأسر الأميركية البيضاء نحو 49 ألف دولار، كان متوسط دخل الأسر الأميركية من ذوي الأصول الأفريقية نحو 30 ألف دولار، وفي حين يبلغ عدد سكان أميركا السود 13% من تعداد الأميركيين فإن 12.7% منهم يعيشون تحت خط الفقر. كما ذكرت صحيفة «يو اس ايه توداي» نقلا عن إحصائيات حكومية أن شرطيا أبيض يقتل مواطنا أسود بمعدل مرتين أسبوعيا في أنحاء الولايات المتحدة، وفقا للأرقام المسجلة في الفترة من 2005 إلى 2012.
وبالعودة الى الماضي فقد قامت الحضارة الأميركية الحالية على أساس إبادة وطرد الهنود الحمر، بتدمير المنازل والتهجير الجماعي وحرق المحاصيل، بل وصل الأمر إلى قتل ما يقرب من 18 مليون شخص في حملة إبادة شاملة، صاحبتها حملات في دول أفريقيا لجلب أعداد كبيرة من الرجال السود الأقوياء وتحويلهم إلى عبيد لتعمير القارة الجديدة.
وحتى منتصف القرن الماضي، كان كثير من النوادي والمقاهي تعلق لافتات كتب عليها «ممنوع دخول الزنوج والكلاب»، كما كان على الزنجي الأميركي أن يقوم من مقعده في أي وسيلة نقل ليجلس الاميركي الأبيض. وفي عام 1955 رفع السود في مدينة مونتغمري قائمة ببعض المطالب تضمنت السماح لهم بالجلوس في الحافلات ولو في المؤخرة.
لقد ذهب المفكر الأميركي ناعوم شومسكي الى انه «من وجهة النظر القانونية فإن هناك ما يكفي من الأدلة لاتهام كل الرؤساء الأميركيين منذ نهاية الحرب العالمية بأنهم مجرمو حرب، أو على الأقل متورطون بدرجة كبيرة في جرائم حرب».
وفي كتابه «500 عام من السجون في أميركا» يكشف سكوت كريستياتسون أن أميركا هي الدولة الثانية في العالم، بعد روسيا، التي تضع أكبر عدد من مواطنيها وراء القضبان الحديدية. وتعتبر أميركا الدولة الثانية إلى جانب الصومال التي لم توقع بيان حقوق الطفل الصادر عن هيئة الأمم المتحدة. وهو ما جعل باراك أوباما يقول في حملته الانتخابية إنه من المحرج أن نجد أنفسنا بصحبة الصومال، تلك الأرض بلا قانون». هذا هو الوجه الآخر لبلاد الغرب التي تستخدم «حقوق الإنسان» كورقة يشهرونها عندما تكون في مصلحتهم أما إذا تعارضت مع مصالحهم فإنهم يجعلونها تحت أحذيتهم.
أخيرا: حقوق الإنسان في الاسلام حقوق شمولية لكل «إنسان» بغض النظر عن عرقه أو لونه أو مكانه الجغرافي، قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).
[email protected]