انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة الدعوة للإلحاد والمجاهرة به والترويج له، وليس ذلك فقط بل أصبحت الفضائيات تتسابق في استضافة أناس أعلنوا صراحة أنهم «ملحدون»، وتعقد المناظرات بينهم وبين رجال دين سواء كانوا مسلمون أو مسيحيين، ويظل البرنامج طوال الوقت يعرض لأفكارهم، فقط لمجرد الإثارة، في تناول سطحي للقضية دون الوقوف على أسبابها وكيفية التصدي لها وعلاجها.
والسؤال: لماذا يركز الإعلام «بقصد أو من دون قصد» على هذه القضية ويثيرها ويمنح الفرصة لهؤلاء بأن يظهروا ويثيروا الشبه، ويبثوا البلبلة وينشروا ضلالهم في أوساط الناس خاصة الشباب؟!
ففي أحد البرامج طردت مقدمة البرنامج ملحدة على الهواء مباشرة، وبعدها في حلقة أخرى استضافت ملحدا آخر، كما استضافت قناة أخرى عددا من هؤلاء، وناقشت دوافعهم للإلحاد وأفكارهم، ومن بين ما قاله أحدهم إن ديانته هي «لا دين»، وان طريق إلحاده يرتبط بعدم تحقق العدالة على الأرض. وأيضا استضاف إعلامي معروف شابا كان متدينا لكنه ألحد وكفر بالله ورسوله والقرآن، وقال إنه لا يعير اهتماما لا للأديان ولا لله سبحانه وتعالى. وآخر ادعى أنه يمثل الملايين غيره، مطالبا بحذف خانة الديانة من بطاقات الهوية، وتمثيل الملحدين في نص دستوري يضمن لهم حرية الحركة وعرض أفكارهم دون ملاحقة، والعيش بحرية، وفقا لمبدأ حرية الفكر والاعتقاد.
المفجع والمؤلم أن الظاهرة بدأت تنتشر، كما أن هؤلاء يتواصلون بعضهم مع بعض ويعقدون اجتماعات وينشئون صفحات ومواقع وروابط يروجون من خلالها لأفكارهم!
وقد قرأت على أحد المواقع أن هناك دراسة أجراها معهد جالوب الدولي نشرتها صحيفة «الواشنطن بوست» كشفت ارتفاع نسبة الإلحاد في العالم العربي. وذكرت الدراسة أن الأسبوعين الأخيرين من ديسمبر 2012 شهدا التحاق 350 شابا من إحدى الدول العربية بأحد المواقع العربية الإلحادية.
باختصار، الإلحاد يعني عدم الاعتراف بوجود الله، وهو غير الكفر، فالكافر يعترف بوجود الله لكنه ينكر الشريعة.
ولكن ما الأسباب وراء تفشي هذه الظاهرة؟
إن الجهل بإسلامنا وسوء فهم نصوص القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، هما ما يدفع إلى الإلحاد، لأن الإسلام يتوافق في مبادئه مع الفطرة السليمة. وربما يعود سبب هذه الظاهرة إلى عدم الوعي بالدين وقلة الوسائل والبرامج التي تعمل على توعية الشباب بدينهم وسط كم كبير في المقابل لبرامج ووسائل تعمل على تمييع شخصية الشاب المسلم والانسلاخ من دينه دون أن يشعر، حتى إذا عرض عليه فكر كهذا الفكر الإلحادي كان من السهل أن يقبله، لأنه ببساطة لا يعلم شيئا عن دينه سوى أنه مدون في بطاقته أنه «مسلم». ومن الأسباب غياب دور الأسرة، فلم يعد من همّ للأب والأم سوى توفير الملبس والمأكل والمشرب.
وزارة الأوقاف المصرية أطلقت حملة بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة لمكافحة انتشار هذه الظاهرة بين الشباب، وما ذلك إلا دليل على انتشار هؤلاء الملحدين وشيوع الظاهرة. وهنا لابد من التصدي بجدية على كل المستويات الرسمية والشعبية لمثل هذه الأفكار من خلال عقد مؤتمرات علمية وحوارات ولقاءات في المدارس الثانوية وفي الجامعات.
أخيرا: القضية تحتاج الى وقفة جادة، ونحن بحاجة الى محاكمة قضائية لهؤلاء الذين يسيئون لإسلامنا، لردعهم ووقفهم عن الإساءة لثوابت ومبادئ الدين.
[email protected]