في بعض دول العالم نجد صدى أي صوت ينادي بالديموقراطية يرد بأن «الوقت لا يسمح» أو أن «الشعب غير مستعد» أو بما سواهما أو كليهما.. ثم هنالك محور هذا المقال: «أن الظروف الأمنية لا تسع».
بيد أن الأزمات من الممكن استغلالها لتحقيق قفزات إصلاحية سياسية ومن السهل استثمارها في تحفيز مشاركة ديموقراطية أوسع.
لعلنا نستذكر حلق الحوار الحيوية تلك التي شكلتها، أو أقله صاحبتها، حرب فيتنام في المجتمع الأميركي فكما أشعلت بقنابل النابالم حقول «سايجون» فإنها أطلقت شرارة اخرى داخل حدود الوطن نجم عنها تساؤلات فكرية حساسة حول الوطنية، الخيانة، الانتماء، المساواة، الحريات، العرق، التغيير الاجتماعي، حدود دور الدولة في التوجيه والتنشئة السياسيين وغير ذلك من مفاهيم أبعد ما تكون عن فيتنام وأحداثها.
بالفعل ألقت الحرب ظلالها على تلك الحوارات وحاولت طبولها أن تصم الآذان عنها ولكن ما إن انتهت الأزمة حتى انخفض سن الناخب وتضاعفت الرقابة الشعبية من خلال الكونغرس على قرارات الرئيس مثلا وغيرها من التغيرات والإصلاحات الديموقراطية.
إن ما تعيشه البلاد هذه الأيام من مخاض سياسي حالة استثنائية إيجابية تستحق التأمل حيث المساعي لتعزيز التماسك الوطني الداخلي على أشدها وتتزامن مع تجربة برلمانية في منطقة وحقبة مليئتين باضطرابات وتهديدات عسكرية وأمنية.
وليس في ذلك تهويل ولا ترهيب، فقد بين المرسوم الأميري أنه: «نظرا للظروف الإقليمية الدقيقة وما استجد من تطورات وما تقتضيه التحديات الأمنية وانعكاساتها المختلفة من ضرورة مواجهتها بقدر ما تحمله من مخاطر ومحاذير، الأمر الذي يفرض العودة إلى الشعب مصدر السلطات لاختيار ممثليه للتعبير عن توجهاته وتطلعاته والمساهمة في مواجهة تلك التحديات»، فلم يفرط في المؤسسة التشريعية بل أنزلها منزلها في الصف الأول للذود عن الوطن ولم يقزم الخيار الشعبي بل ألقى على عاتقه مسؤولية عظمى.
إن تلك المسؤولية تتجاوز التوجه لمدرسة لإلقاء ورقة في صندوق إكراما لقريب أو ردا لجميل أو مجاملة لصديق بل هي أخذ لموقع في مجابهة التحديات الأمنية! ففي هذه الانتخابات لا تتنافس تيارات وشخصيات وأطروحات فحسب بل يحشد الوطن أبناءه حوله ليتحصن بهم. هي تلبية لنداء أطلقه المرسوم السامي لمصدر السلطات لاختيار من هو كفؤ.
فلن ينصر الأمة نفعي ومتخاذل ولن تستقيم الأمور بغافل أو متحامل. فهلا أعددنا العدة فاستبدلنا بالضعف قوة وبالاستكانة صلابة؟ لعل وعسى أن يبقى الأمل.
كلمات أخر: «آريس» هو إله الحرب لدى الإغريق أما «زياو نوشين» فهي آلهة الديموقراطية لدى بعض الصينيين، فهل تنجح الثانية في سد فوهة بندقية الأول بغصن الزيتون؟ ثم هل تغرس في تراب وطننا الغالي ما ينبت لنا تنمية اجتماعية وازدهارا اقتصاديا وتطورا صناعيا ومحاسبة للمسؤولين وحريات أكبر وغير ذلك من ثمار؟
[email protected]