رد السلام على غير المسلم
كثر الكلام والخلاف بيننا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه» ومعلوم أن الإسلام هو دين السماحة والرحمة وتأليف القلوب فكيف نضايق غير المسلمين؟
٭ اختلف العلماء في السلام على الكافر ابتداء، وفي رد السلام عليه إن سلم هو، فأكثر العلماء اتفقوا على تحريم الابتداء في السلام، ويقول في الرد على سلام الكافر: وعليك أو عليكم. واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه» رواه مسلم. وذهب بعض العلماء إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام وكذلك ردنا عليهم، وهو مذهب ابن عباس وأبي أمامة وابن محيريز وهو وجه عند الشافعية.. وذهبت جماعة إلى أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة، أو لسبب معتبر كمصلحة دينية مرجوة، وهو قول عكرمة والنخعي، وعن الأوزاعي أنه قال: إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون.
وأما معنى الحديث: ففي صحيح مسلم وسنن الترمذي ومسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه».
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه» معناه: لا تفسحوا لهم عن الطريق الضيق إكراما لهم واحتراما، لأن المسلم أعز وهو الذي يستحق الإكرام والإفساح له، وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم لأضيقه حتى يضيق عليهم، وحديث أنس قال رسول الله ﷺ: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم، متفق عليه. يعني: نرد عليهم، لكن لا نقول: وعليكم السلام، أو نرد بأفضل منه فنقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لكن إذا قالوا مثلا صباح الخير أو أي عبارة فنرد بمثله وأفضل منه.
وبعض أهل العلم خص ذلك بمن عرف عنه أنه يقول: «السام عليكم»، فالنبي ﷺ قال: إذا سلم عليكم أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى وهم من يقولون: السام عليكم، فإذا لم يعرف عنه أنه يقول هذا - السام عليكم - ويقول بعبارة واضحة: السلام عليكم، أو كان من غير أهل الكتاب، وقال: السلام عليكم، فمن أهل العلم من يقول: يرد عليه كما قال - كما سبق - فيقال: وعليكم السلام، وهو كلام وتفسير وجيه. لأن الصحابة شكوا الى النبي صلى الله عليه وسلم: قولهم: السام عليكم، فقال لهم الرد المناسب، ومفهومه لو لم يقولوا لهم ذلك لم يشتك الصحابة، ولردوا عليهم السلام. وهذا القول هو الراجح الذي يناسب سماحة الإسلام.