كان من المفترض في اليوم العالمي للمرأة أن يتم قرع الجرس في بورصة الكويت وهي مبادرة مساواة بين الرجل والمرأة ولتمكين وتكافؤ الفرص والتي من المفترض انها ستتم بتنظيم من المجلس الاعلى للتخطيط ومنظمة هيئة الأمم المتحدة لتمكين المرأة ومركز أبحاث ودراسات المرأة في جامعة الكويت، والتي تمت في دول مجاورة بسلاسة، ولكن في الكويت انتفض بعض النواب الاسلاميين على هذه الفعالية، والمؤسف هو خضوع الحكومة لتهديداتهم وإلغاء الفعالية، الاشكالية لا تكمن في وجود حكومة تخاف من تغريدة نائب فحسب بل في تقييد حريات المنظمات والأشخاص في التعبير عن مطالبهم.
في اليوم العالمي للمرأة نريد ان نقرع الأجراس على جميع المؤسسات حتى تنظر في مكانة المرأة بشكل حقيقي وليس تشريفيا، مازالت 80% من المناصب القيادية حكرا للرجال لأنهم رجال فقط وليس لأنهم الأكفأ، ومازالت المرأة المتزوجة والأم تعامل كمخلوق غير مهم، ان شاء القدر واضطر أحد أبنائها لإجراء عملية جراحية طارئة ولم يكن الأب موجودا لا يعتد بالأم وكأنها مخلوق هامشي في حياة أبنائها، ويطلب منها المستشفى توقيع العم أو الجد، ولكن ليس الأم وهذا إجراء تعسفي خطير تتم ممارسته بالمستشفيات بالكويت رغم عدم قانونيته إلا انه يمارس كدستور مسلم به، الأم لا تمتلك صلاحية السماح لطفلها بإجراء عملية جراحية.
ويمتد الأمر لحالات الولادة، اذ لا تستطيع الأم الحامل أن تقرر رغبتها في إجراء عملية قيصرية إلا بعد أخذ موافقة الزوج، وكثير من الاطباء يطبقون موضوع موافقة الزوج أو الأب في كثير من الجراحات، وهو إجراء مزاجي يتم بشكل علني وسافر بالمستشفيات بالكويت وبرضا وزارة الصحة!
تمتد معاناة بعض النساء بتزويجهن عنوة، وذلك لأن عقد الزواج لا يتطلب توقيعها، وهو الأمر الذي جعل البعض يتاجر ببناته رغما عنهن، تخيل ان المرأة لا تمتلك حتى الحق في رفض تزويجها على أهم قرار في حياة أي إنسان وهو الزواج!
يمتد الأمر الى كثير من الدوائر الحكومية والخاصة وحتى السلك الديبلوماسي تجد وجود الفتيات محدودا فقط لذر الرماد في العيون، رغم ان النساء اليوم اصبحن أكثر تفتحا للعمل وتمثيل الكويت في الخارج، الا أن المؤسسات تفضل الرجل دائما حتى وان كان اقل منها بالخبرة والكفاءة، ولكن ذكورته كفيلة بأن تجعله يصل لأعلى المناصب.
كنت أعمل في جهة وتميزت بها وأتقنت عملي بشهادة الجميع، ولي زميل عمل معي في نفس اليوم، بعد سنوات قليلة تم إرساله للخارج وحين رجع أصبح رئيس قسم، واليوم سيشغل مركزا قياديا مهما في احدى الدول، والسبب الوحيد في ترقيته لأنه ذكر ويذهب للدواوين ويجامل، في حين استمررت أنا بنفس عملي دون أي تطور أو ترقية، وكأن السنون تعمل لصالح الرجل وتجعل المرأة في مكانها لا تراوح.
حرية التعبير مكفولة للجميع، ومع ذلك سلبت منا في أهم يوم وهو اليوم العالمي للمرأة، المساواة والعدالة مطلوبة في ميادين العمل التي تتساوى فيها مهام الرجل والمرأة، ومن المفترض أن تتم دون تمييز بل وفقا للكفاءة الوظيفية، وأخيرا على الجهات المعنية أن تبدأ في معاملة الأم كأهم شخص في حياة أبنائها وليس العكس، وان قرع بعض النواب أجراس التهديد فنحن نقرع أجراس المطالبة بالمساواة رغما عن أنفهم، قامت مجموعة من السيدات والرجال المحترمين بعمل مظاهرة سليمة وهاشتاق #قرع_الجرس في تويتر الذي ترصد المركز الأول رغم جميع السخرية التي تمت في مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن الصوت وصل، والرسالة وصلت عبر العالم الافتراضي والحقيقي، ومنا الى حكومة الكويت، تنتفضين من تغريدة نائب إسلامي ولا تنتفضين لمظاهرة ومطالبات من نسوة الكويت من جميع المستويات والدرجات والطبقات؟ ان كان الأمر كذلك فهذا بحد ذاته تمييز عنصري على أساس الجنس لا يغتفر.
قفلة:
تحية لجميع الرجال الذين آمنوا بحقوق المرأة اكثر من المرأة نفسها، سيذكر التاريخ وقفتكم ومؤزارتكم للنساء رغم أنكم تمتلكون جميع الحقوق والمميزات.
[email protected]