كان كتاب الصينيّ «صن تزو» The Art Of War أو فن الحرب والذي كتبه في القرن الخامس الميلادي، المرجع الرئيس لفنون الحروب في العالم، إلا أن التقدم التقني والرقمي أدخل إلى الحروب فنونا وأنماطا جديدة لم تعرفها البشرية من قبل، وقد صنفت الحروب بكل أنماطها في خمسة أجيال، الجيل الأول منها هي التي تقع بين جيشين تقليديين تابعين لدولتين متحاربتين وتجري المعركة على ساحة تجمع الجيشين في مواجهة مباشرة بينهما، أما الجيل الثاني - وفيه أضيفت المدرعات إلى أسلحة القتال - فيقصد به الحروب التي تجري بين الجيش النظامي للدولة وخصومها من جماعات مسلحة لكنها ليست قوات نظامية، ومن أمثلة حروب هذا الجيل تلك الدائرة في هذه الأيام بين الجماعات الإرهابية المسلحة والجيش المصري في سيناء وحروب العصابات المنتشرة في أميركا الجنوبية ضد تجار المخدرات.
يتميز الجيل الثالث من الحروب بدخول الدبابات والطائرات كأسلحة جديدة إلى أسلحة الجيوش المتقاتلة ويطلق على حروبه اسم الحروب الوقائية وعادة ما تكون حروبا استباقية تشنها دولة ما ضد أخرى كتلك التي كان يشنها الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية على الحلفاء وحرب الاحتلال الأميركي للعراق، ومن خصائص هذا الجيل استغلال عناصر المفاجأة والسرعة والمرونة.
يعرف الجيل الرابع من الحروب Fourth Generation War (4GW) بالحروب غير المتماثلة Asymmetric وفيها لا تشتبك الجيوش مع بعضها البعض، إذ تقتصر الحرب على استخدام الدولة الغازية كل وسائل القوة الناعمة المتاحة لها لإضعاف وانهاك الدولة المستهدفة وإخضاعها لإرادتها دون اللجوء للقوة العسكرية الخشنة، فتسخر الإعلام والرأي العام سواء من حسني النية من المعارضين أو من يجري شراؤهم وتجنيدهم ضد وطنهم - الدولة المستهدفة - من العملاء لقاء إغراءات معينة، وقد استخدم مصطلح حروب الجيل الرابع للمرة الأولى من قبل الأميركي وليام اس لند.
يعتمد الجيل الخامس أو الجيل الجديد من الحروب (The G5) على استخدام القوتين الخشنة العسكرية والناعمة، وتسبق الأعمال العسكرية النظامية عمليات فردية لاستنزاف وإرهاق قوات الخصم، أما على مستوى القوة الناعمة فيعمل الغزاة على إضعاف الدولة المستهدفة بنشر الفساد واستعداء الشعوب على أنظمة الحكم مستخدمين الإعلام وعناصر خلايا مزروعة موالية لهم مدربة على مختلف صنوف الإرهاب وحروب الشوارع، وفي الجيش الأميركي تزود القوة العسكرية الغازية بلباس تقني يضاعف من قوة المقاتل عدة أضعاف ويحميه من الأعيرة النارية التقليدية أي إنه يتحول إلى ما يشبه الرجل الحديدي Iron Man، ويطلق د.عبدالله النفيسي الأكاديمي والسياسي المرموق على استخدام القوة الناعمة في هذا الجيل وصف «الاختراق بالدبيب» والدبيب هو دبيب النمل والذي لا تشعر به الدولة المستهدفة، لكنه أسلوب ناجح وفعال كفاعلية النمل في عمله.
[email protected]