تواجه الحكومة في العام الجديد ثلاث أزمات في غاية الأهمية والتعقيد، وتحتاج لاهتمامها المطلق والتام، أولى هذه الأزمات تلك المتعلقة بجرائم تزوير الهوية الوطنية التي تجاوزت الخمسين ألف جريمة تزوير استفاد منها نحو 400 ألف متلاعب حصلوا بموجبها على الجنسية الكويتية دون وجه حق، غرباء عن هذا المجتمع لابد من تحديد أصولهم العرقية وانتماءاتهم الدينية ومستوى تعليمهم، والأهم التحقق من ولاءاتهم السياسية ومن وجود عملاء لدول أجنبية بينهم، وما يجري تداوله عن نية الحكومة إنشاء هيئة عامة مستقلة للجنسية تختص بكل ما يتعلق بشؤونها من منح وسحب وحجب، ويناط بها أيضا النظر في كل قضايا التزوير والتلاعب في الهوية الوطنية، يشكل المعالجة المثالية لهذه الأزمة ولأزمات طال بها الأمد كأزمة المقيمين بصورة غير قانونية (البدون).
ثاني الأزمات التي تواجهها الحكومة هو الاستجواب المقدم من أحد نواب تيار الإسلام السياسي لوزيرة الشؤون الاجتماعية والذي يعد الاستجواب الأسرع في تاريخ الحياة البرلمانية، إذ لم يمض على أداء الحكومة للقسم أمام البرلمان سوى أيام قلائل يستحيل خلالها ارتكاب أي وزير لمخالفة تستدعي استجوابه والمطالبة بعزله - إذ أعلن النائب مقدم الاستجواب عن جمعه أصواتا كافية لطرح الثقة بالوزيرة! حقيقة الأمر وراء الاستجواب وطرح الثقة بالوزيرة هي العداء التقليدي الذي تكنه الجماعة للحداثة وللدولة المدنية وهو التوجه الذي تمثله الوزيرة الأكاديمية المثقفة في الحكومة الجديدة، مستغلة واقعة نشرها لتغريدات قبل توزيرها تدافع فيها عن توجهها لتضعها في موضع الاتهام، وتعارض الاستجواب والمادة 50 من الدستور التي تقرر الفصل بين السلطات الثلاث واستقلاليتها يعطي للحكومة الحق في رفضه، وفي حال أقره البرلمان فإن من مصلحة الحكومة التهديد بمواجهة عزل الوزيرة باستقالتها الجماعية وتهديد الجماعة عبر وسطاء بقطع علاقتها بها وإنهاء شهر العسل بينهما، إذا ما استمر المستجوب في سعيه لإسقاط الوزيرة، لتتمكن من أداء عملها دون ضغوط مستمرة وتهديدات مشابهة طيلة دور الانعقاد.
الأزمة الثالثة التي واجهت الحكومة جاءت اثر مصرع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ومعه نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي العراقي الطائفي المتطرف عبدالمهدي المهندس أحد مفجري موكب المغفور له بإذن الله أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، واضطراب رأي الشارع الكويتي حول الحدث وقيام بعض النواب بتأبينه علنا داخل مجلس الأمة وهو ما كان من الممكن أن يؤدي لاندلاع فتنة طائفية خطيرة لولا تدارك المجتمع الكويتي بتوجيه من قادة الفكر والرأي من الكتاب والساسة للموقف ونأيهم بالرأي العام عن الخوض في مسألة هي شأن إيراني خاص، وتظل الحكومة مطالبة بتعزيز الوحدة الوطنية بمختلف الأساليب الممكنة.
[email protected]