منذ أواسط الستينيات وحتى مطلع السبعينيات كانت حديقة الشهيد أو الحزام الأخضر آنذاك المكان المختار لي ولبعض الأصدقاء للدراسة مساء، لم نكن نشعر بالرياح إذا اشتدت ولا نعاني من الغبار خارجها رغم كثافته أحيانا.
كانت الحديقة نواة لمشروع عملاق يهدف لتطويق الكويت بسياج أخضر يحجب أو يقلل من الغبار وما يصاحبه من تلوث خطير للهواء ويخفض درجة الحرارة، إلا أن المشروع العملاق أصابه الإهمال وتوقف استكماله.
كشف موقع Air Visual العالمي والمعني بقياس ودراسة تلوث الهواء أن الكويت هي أكثر دول العالم تلوثا للهواء، إذ سجلت معدلا للتلوث بالجسيمات PM 2.5 بلغ تركيزه 187 جزيئا في المتر المكعب متفوقة بهذا على لاهور ودلهي وجاكرتا، وهو معدل غاية في الخطورة ويحمل تهديدا بسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي، الهيئة العامة للبيئة الكويتية سارعت إلى نفي صحة النتائج التي عرضها الموقع المختص وعرضت نتائج طبيعية - وفقا لمعاييرها في القياس - على موقعها الإلكتروني!
إلا أنه وفي العام (2018) أظهر مقياس IQair السويسري التخصصي، أن الكويت ضمن أكثر دول العالم تلوثا بتركيز للجسيمات PM2.5 بلغ 59.6/م3 وهو المركز الثاني خليجيا بعد البحرين التي احتلت المركز الأول بتركيز 59.9 للجسيمات في المتر المكعب، واحتلت أبوظبي المركز الثالث بتركيز 46 جسيم/ م3.
ويعزو الخبراء أسباب ارتفاع درجات التلوث إلى الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة وكثافة الغبار في هوائها، ولتأثير مصافي النفط وحقوله وقربها من المناطق المأهولة، وللانبعاثات من وسائل النقل العامة وعوادمها والسيارات الخاصة التي توجد بالبلاد بأعداد تهدد سلامة البيئة، يذكر أن معدل الوفيات المبكرة السنوي على مستوى العالم نتيجة التلوث البيئي يتجاوز الـ7 ملايين حالة وأن الكلفة التقديرية لمحاولات العلاج والإنقاذ الطبية تتجاوز 220 مليار دولار.
في العام 1984 وبمبادرة من المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، أنشئت الهيئة العامة للزراعة على أمل إحياء مشروع الحزام الأخضر من جديد، هذه المرة بمساهمة شعبية عن طريق توزيع قسائم زراعية حدودية لحماية الكويت من موجات الغبار الشمالية والجنوبية وتأمين الأمن الغذائي للبلاد، إلا أن الفساد وسياسة الحكومة في شراء الولاءات وتقريب الحلفاء أدت إلى خروج المشروع عن أغراضه الأصيلة وتحولت الأراضي الزراعية إلى مزارع ترفيهية للأسر التي حصلت عليها بلا ثمن نسبيا.
طالعتنا الصحف أمس الأول بخبر ينذر بكارثة بيئية موقوتة وهي تضاعف عدد الإطارات المستعملة والتالفة المخزنة في منطقة ارحيه وبلوغه الـ 60 مليون إطار، ووصف التقرير الحالة بالخطيرة، محذرا من احتمالات اشتعال الحرائق في الإطارات وانبعاث مادة الديوكسين السمية شديدة الخطورة والتي ترتبط بالأمراض السرطانية وفقا لتقارير وإرشادات منظمة حماية البيئة EPA.
[email protected]