نعرف جميعا ما هو الرياء بشكل عام، وتعريفه هو فعل الشيء من أجل أن يراه الناس، وهو مصطلح إسلامي يطلق على من يفعل الشيء بقصد أن يراه الناس ويقال هذا شخص صالح، لإرضاء الناس، ولا يهتم بإرضاء الله، هذا هو التعريف الذي وجدته وأنا أبحث على الإنترنت.
لكن من أكثر أنواع الرياء المقززة فعلا الرياء بالدين، إذ يقوم البعض ببعض الأعمال أمام الملأ فقط ليقال هذا شخص «يعرف ربه» أو تلك امرأة صالحة، وغالبا ما يتزايد هذا الرياء في شهر رمضان المبارك.
إذ انني قبل فترة وجدت شخصا يدافع عن الدين بحمية في «تويتر» ويهاجم أي حراك نسوي، ولا يعرف من الدين سوى الآيات والأحاديث التي تخدمه في المواقف التي يحتاج لكي يجعل المرأة بموقف ضعيف كحديث صحيح البخاري الذي يحتوي على جملة: «ناقصات عقل ودين» التي يحفظها من دون أن يحفظ معناها.
يسعد بالحشد الذي يؤيده ويتباهى بمحاربته للنسوية وتطورها، وهو نفس الشخص الذي شاهدته من قبل شهور يرسل رسائل تحرش لصديقة لي على السوشيال ميديا ويتغزل بها ويطلب منها موعدا غراميا مدعيا التفتح وان المرأة نصف المجتمع!
تلك الموظفة التي تتوسد مكتبها في إحدى الوزارات كنت أقصدها للقيام بمعاملة في رمضان الماضي، كان القرآن بين يديها تقرأه بصوت عال، طرقت بابها أكثر من مرة وواصلت التجاهل لأنها تقرأ القرآن، طال صبري لربع ساعة، فقلت لها: أختي العزيزة لديك ٦ ساعات عمل لتقومي بعبادة عظيمة وهي العمل، أما قراءة القرآن فتستطيعين القيام بها في الـ 18 ساعة الباقية من اليوم، أغلقت القرآن وزمجرت وقالت: معاملتك لن تتم اليوم، المدير مو موجود، هل تعرفين ما هي معاملتي أساسا؟ قالت: بكل الحالات لن تتم، ودعتها قائلة: تمعني جيدا بمعاني القرآن وانت تقرأينه المرة القادمة!
كنت مدعوة لعمل لقاء في مبنى الإذاعة وحين وصلت وجدت أحد المذيعين يتوسط الممر فارشا سجادته ويصلي بزاوية تجعل الذاهب والقادم يراه وهو يصلي، سألت المعد: لماذا يصلي في الممر معيقا حركة الناس، ألا يوجد لديكم مصلى؟ ضحك وقال: يبه هذا ما يعرف حتى آية بالقرآن ولكن سمع إن المدير الجديد رجل متدين ويريد أن يثبت للإدارة تحوله الديني المفاجئ!
وغيرهم هناك الكثير من الأمثلة لأشخاص لا يصلون سوى صلاة واحدة طوال الأسبوع وهي صلاة الجمعة، ليثبت لأبناء المنطقة أنه مسلم صالح، وهناك من ترفع يدها بالدعاء وتمسك المسبحة وذكر الله لا يزول من على لسانها أمام الناس، في حين بالحقيقة هي تعرف فقط طقوس الدين، وتمارس الظلم على العاملات عندها تضربها وتحرمها الطعام، وتفرق بمحبتها بين أبنائها، وتجور وتظلم ولكن هيهات أن تفارق السبحة يدها.
وهناك من ربّى له لحية بعد فقد الأمل في إيجاد وظيفة، واكتشف ان ادعاء التدين قد يوصله للمناصب، فادعى الدين دون أن يعرف أي شيء عنه، لكنه الرياء ما جعله يصل للمناصب، فضلا عن تباهي البعض بتقديم الصدقة والإعلان عن اسمه وتبرعه كنوع من الرياء الرخيص لكسب تأييد فئة معينة أو كنوع من الدعاية لشركته. أنواع الرياء كثيرة لكنني ما وجدت أقبح من الرياء بالدين، لأن الدين أخلاق قبل كل شيء لو تحليت بها لعرفت ان كل هجوم وظلم تقوم به ضد غيرك لن تمحوه صلاتك ولا صيامك ولا مسبحتك.
قفلة: هناك فئة تستمتع بجلد الغير، وتمارس تنمرا قبيحا باسم الدين، رغم عدم تدينهم، لكن الدين دوما حجة قوية لأي شخص. ومهما بلغ تدينك لا يحق لك التنمر على شخص مختلف عنك في الاعتقاد والهوية وغيرهما، لتقوم بدور الجلاد مستخدما الدين «حجة» لإيذاء الغير والتنمر عليهم دون فهمك لأخلاق الدين فعليا.
[email protected]