- علي الموسى: هل يعقل أن ندخل البلد في أزمة على 0.5% ديوناً متعثرة؟
- من سلبيات إشاعة إسقاط القروض إدخال المواطنين في متاهة الاقتراض حالياً وننتظر المستقبل
- إسقاط القروض ما هو إلا مجرد مداعبة لمشاعر «الناس الطيبين»
- محمد رمضان: لا جدوى من إسقاط القروض.. وضعنا الاقتصادي جيد
- المواطن سيطمع في أخذ قروض جديدة ويطالب بإسقاطها مستقبلاً
- القرار إيجابي للبنوك على المدى القصير في زيادة الاقتراض وكارثي على المدى البعيد
أحمد مغربي - مصطفى صالح - باهي أحمد
مثلت الدعوات الجديدة الخاصة بطلب استعجال اقتراح قانون شراء الدولة للقروض الشخصية والاستهلاكية للمواطنين، أزمة اقتصادية واجتماعية تلوح في الأفق، حيث يرى رافضو الإسقاط أن الهدف من تبني البعض لهذا التوجه سواء من داخل الحكومة أو مجلس الأمة هو كسب الرأي العام عبر تمرير مقترحات شعبوية تأتي على حساب الأجيال المقبلة.
إلا ان الاقتصاديين والمصرفيين يرون الأمر من زاوية اقتصادية بحتة، فإذا كان المجتمع يرغب في مواجهة أزمة، فعليه أن يعرف، أولا، مؤشرات هذه الأزمة ونسبها، ومنها مثلا أن نسبة القروض المتعثرة لا تمثل سوى ما نسبته 0.5% من قيمة القروض، وهو الأمر الذي يعطي دلالة عكسية، أي ان الأوضاع الاقتصادية سليمة، فلماذا التهور في اتخاذ قرارات شعبوية تدخل البلاد في أزمة؟! ورغم فداحة التكلفة المالية فإن هناك سيناريو مفرطا في التفاؤل، فهو يفترض ضمنا، تحول المديونية من البنوك وشركات الاستثمار إلى الحكومة، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيلتزم كل المدينين بالسداد إلى الحكومة؟ والواقع أن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لإسقاط القروض ستكون فادحة عن التكلفة المالية، ولعل من أبرزها الانقلاب على المفاهيم، وهو معاقبة الحصيف المتدبر لشؤون أسرته والتزاماته المالية من دون أخذ قروض ومكافأة من اقترض من دون الحد الأقصى ولم يلتزم بالسداد.
وذكر الاقتصاديون ان الدعوة الى التوجه الجماعي للاقتراض، مستقبلا، وسقوط المواثيق والعقود والتحايل وعدم السداد وشراء الوقت من أجل التكسب، من خلال الضغط النيابي لدغدغة مشاعر المواطنين.
على الصعيد الآخر، فإن المواطنين متلهفون لصدور القانون، حيث يرون أن نسبة كبيرة من المواطنين «متعثرون» بسبب القروض التي تلتهم جل الرواتب وتحولت إلى طوق حديدي يلف أعناقهم ويسعون إلى التمسك بأي أمل يظهر ليفك هذا القيد.
في البداية، قال وزير التخطيط الأسبق علي الموسى لـ «الأنباء» إن حجم القروض الممنوحة للمواطنين تبلغ 12 مليار دينار سواء (قروض استهلاكية أو مقسطة للسكن الخاص)، وتبلغ نسبة الديون المتعثرة من هذه القروض نحو 60 مليون دينار أي ما نسبة 0.5%، متسائلا: «هل يعقل ان ندخل البلد في أزمة على 0.5% ديونا متعثرة؟».
وضرب الموسى مثالا على الولايات المتحدة الأميركية التي يقدر اقتصادها بربع حجم الاقتصاد العالمي وهو اقتصاد منوع ومتقدم إذ إنه لا هم لهم سوى السيطرة على غول النفقات العامة، بخفضها تقشفا، مشيرا الى ان نسبة التعثر في أميركا تتراوح بين 2% و5% اي 10 أضعاف النسبة في الكويت ولم نسمع إطلاقا على إسقاط القروض أو الفوائد.
وأشار الى ان النزاع هو حول ان رشوة المواطن هي السائدة في الكويت، بينما الاقتصاد يعتمد كليا على صادرات النفط، وهو مورد مؤقت وسوقه غير مستقرة، وأسعاره الحالية لا تعكس حالة توازن بين العرض والطلب.
وشدد على أن من سلبيات إشاعة إسقاط القروض وفوائدها هو إدخال المواطنين في متاهة الاقتراض حاليا وننتظر المستقبل، وهذا الأمر ضرره كبير على الاقتصاد في تحول أغلب المواطنين الى متعثرين في السداد والتشجيع على عدم الالتزام وضبط النفقات الاسرية، وبالتالي فان القرار لا يوجد به مصلحة للمواطن.
وبين أن «أي إسقاط قروض أو فوائد قروض، هو دعوة لمزيد من الاقتراض، أو هو دعوة إلى نبذ الحصافة في إدارة ميزانية الأسرة، ويندرج معه عامل معاقبة من بقي ملتزما، ومن حيث المبدأ أيضا لا يمكن الحديث عن مشروع تنمية من دون تبني منظومة من القيم الإيجابية، وما تتم الدعوة إليها هي منظومة قيم سلبية، وما سيصرف لتمويل المشروع هو اقتطاع من أصل وليس حصيلة نشاط اقتصادي، ومن سيدفع الفاتورة هم أبناء البلد القادمون».
وأضاف: «الدولة لن تقدر على سداد الـ 12 مليار قروض المواطنين، لأنه بصراحة الكويت لا تملك ذلك المبلغ، فنسبة الإيداع الحكومي في البنوك يقدر بـ 6 مليارات دينار، فمن أين ستحصل الدولة الأموال المتبقية».
وذكر ان موضوع إسقاط القروض ما هو إلا مجرد مداعبة لمشاعر الناس الطيبين.
وفي السياق ذاته، يتحدث المحلل الاقتصادي محمد رمضان عن اقتراح اسقاط القروض عن المواطنين، حيث يقول: «لا أرى أي جدوى من الحديث عن اسقاط القروض في الوقت الحالي، فهو حديث ليس له أي معنى، فإذا كان هناك تعثر لمواطنين مقترضين يجب البحث عن أسباب هذا التعثر ومعالجته بطرق سليمة، وليس بالتعميم وإهدار أموال الدولة بهذه الطريقة».
ويضيف أنه ليس هناك سابقة لإسقاط القروض عن المواطنين في الكويت، مشيرا الى انه في حال وجود أزمات اقتصادية فمن الممكن قبول الحديث عن هذا الأمر، ولكن بالنظر الى الوضع الاقتصادي في الكويت حاليا نجد انه ليس هناك أي أزمات اقتصادية.
ويتابع: «لا أعتقد انه لدى أي من الاقتصاديين والسياسيين أي إيمان أو يقين بأن هذا الاقتراح أو مشروع القانون سيتم إقراره، فقد يكون على المستوى الشعبي هناك آمال وتطلعات لخروج هذا القانون الى النور، ولكنه سيكون أمرا غير منطقي، ولا اعتقد ان ذلك سيحدث».
ويشرح رمضان انه كانت هناك سابقة لإسقاط القروض في الكويت عقب الغزو العراقي لظروف خاصة في هذا الوقت، حيث تم اسقاط القروض عن المواطنين المتعثرين في وقت كان فيه الوضع الاقتصادي متدهورا عقب الغزو، لذلك كان تدخل الحكومة بمساعدة المواطنين، ولكن الآن الوضع في الكويت جيد اقتصاديا وسياسيا.
ويقول: «سيكون لهذا القرار، حال خروجه الى النور، تأثير ايجابي على نمو الاقتراض في الكويت على المدى القصير، ولكنه سيخلق على المدى البعيد أزمة قد تكون كبيرة، حيث سيلجأ المقترضون لسحب المزيد من القروض طمعا في اسقاطها فيما بعد، وهكذا سندور في حلقة مفرغة الى ان تتبخر ثروة البلاد في اسقاط القروض».
وفيما يخص الحلول المناسبة لمساعدة المواطنين المقترضين المتعثرين في الكويت، يقترح رمضان ان يتم انشاء «صندوق متعثرين»، حيث تقوم الحكومة بشراء المديونيات المتعثرة من البنوك ثم إعادة جدولتها لهؤلاء المتعثرين بفوائد قليلة جدا، أو بدون فوائد، وبذلك يكون هناك حل جيد لهذه المشكلة وتحافظ الحكومة على أموال الدولة دون إهدارها، وترحم هؤلاء المقترضين المتعثرين من الاكتواء بنار الفوائد البنكية.
11 مليار دينار قروض المواطنين
كشفت وثيقة رسمية حصلت «الأنباء» عليها، عن ان حجم القروض الاستهلاكية والمقسطة المقدمة من البنوك الكويتية للمواطنين الكويتيين يبلغ نحو 10.96 مليارات دينار، وذلك بنهاية أكتوبر 2018.
429 ألف مواطن مقترض
أظهرت دراسة أعدها مستشار عالمي لمصلحة بنك الكويت المركزي أن عدد المقترضين في الكويت يبلغ 739.450 مقترضا، منهم 429 ألفا من المواطنين، يمثلون ما نسبته 90% من القوى العاملة دون 50 عاما، و58% من اجمالي المقترضين.
وأضافت الدراسة ان متوسط الراتب الشهري للمقترضين بلغ 1100 دينار، فيما بلغ متوسط القرض الاستهلاكي 3600 دينار، و«الإسكاني» نحو 23 ألف دينار، وأن متوسط تكلفة الاقتراض وهي نسبة القسط الشهري إلى صافي الراتب %27.