- الدين شريعة ومنهاج لا يتغير وهو أيضاً ممارسة عند الناس وهذه تحتاج إلى التجديد في دول الربيع العربي
- الصراع بين الإخوان والأميركان صراع دائم وجمال عبدالناصر حاول إلصاق التهم الواهية بأن الإخوان عملاء لأميركا
- لم أكن عضواً في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وليس في الكويت أي عضو في هذا التنظيم
- سيد قطب قال لعبدالناصر «ياريس إحنا جايين لتحرير أمة وليس لاستلام سلطة» وفهم بعد اللقاء أن هناك مؤامرة ستتم
- لم يفكر الإسلاميون في يوم من الأيام أن تكون لهم هيمنة في الإمارات ورؤساء الإمارات لم يفكروا في الانفصال حتى يفكر مجموعة من الشباب المتناثر في ذلك
- سيد قطب والشيخ محمد بن عبدالوهاب وشيخ الإسلام ابن تيمية نفس المدرسة الفكرية كتأصيل لكن مع اختلاف الزمن والمشاكل
- عبدالناصر لم يكن لديه عداء مع الإخوان كإخوان لكنها الزعامة فحينما ذهب عبدالناصر وقت الوحدة مع سورية إلى دمشق قال: «أريد الإخوان» واجتمع وقتها مع مراقب الإخوان حينذاك الدكتور السباعي وقال له عبدالناصر «أنا ليس لدي مشكلة مع الإخوان المسلمين في مصر لكن الإخوان عاوزين يزيلوني»
- كنت شخصياً ممن أصدر البيان بجواز بل وضرورة الاستعانة بالكافر لإخراج صدام حسين من أراضينا وأمر الاستعانة هنا ليس من باب الاستحسان ولكن من باب إزالة الظلم والطغيان وذبح المسلمين وهذا واجب
- الإمارات لا تستطيع أن تواجه أبوظبي فكيف لمجموعة شباب بينهم إمام مسجد وراعي بقالة وأستاذ في الجامعة أن يشكلوا خلية؟! وإذا كان جمعان الحربش يمثل الخلية فلماذا ذكر الدكتور غانم النجار الأستاذ الجامعي الذي ليس له علاقة بالتوجه الإسلامي أصلا؟! هذا عبث
- كل بيت في سورية كان يضع صورة نصرالله قبل صورة الأسد والآن لا يوجد بيت في سورية إلا ويعتبر حسن نصر الله عدواً وقاتلاً للشعب السوري فالله لا يبقي الظالم إلا ويكشفه.. هذا قدر الله ومن قبل ذلك صدام حسين
أجرى الحوار: أسامة أبوالسعود
في الحلقة الثانية من اللقاء مع منظر اخوان الكويت والخليج الشيخ د.جاسم مهلهل الياسين استكمل فيه ما ذكره في الجزء الأول حول دور الإسلاميين في الإمارات، حيث شدد على ان الإسلاميين في الإمارات لم يفكروا في يوم من الأيام بأن تكون لهم هيمنة في بلادهم، لافتا الى ان رؤساء الإمارات لم يفكروا في الانفصال حتى يفكر مجموعة من الشباب المتناثر في ذلك. وتابع قائلا «الإمارات لا تستطيع ان تواجه ابوظبي فكيف لمجموعة شباب بينهم إمام مسجد وراعي بقالة واستاذ في الجامعة يشكلون خلية، واذا كان جمعان الحربش يمثل الخلية فلماذا ذكر د.غانم النجار الاستاذ الجامعي الذي ليست له علاقة بالتوجه الإسلامي اصلا.. هذا عبث. ونفى د. الياسين ان يكون عضوا في التنظيم العالمي للاخوان المسلمين مشددا على انه لا يوجد في الكويت أي عضو في هذا التنظيم. واعتبر ان العسكر في مصر هم الذين اسقطوا ثورة 1952، حينما اراد حسني مبارك توريث ابنه حكم مصر دون وجه حق ومؤكدا ان التزوير والتوريث هما «القشة التي قسمت ظهر البعير».. وفيما يلي التفاصيل:
ذكرت أن النائب د.جمعان الحربش كان احد نواب الاخوان المسلمين الذين ضغطوا بقوة لتحرك قوات درع الجزيرة لمساعدة البحرين اثناء محاولة الانقلاب الشيعي ـ كما وصفتها ـ وان كان اسم د.جمعان تردد في الفترة الاخيرة بأنه ضمن الخلية التي لها امتداد في الإمارات وتعمل على زعزعة الاستقرار ومحاولة قلب نظام الحكم وغير ذلك من اتهامات، كيف تنظرون لها؟
٭ سبق وقلت ان هذه الاتهامات منذ الخمسينيات والتي تحولت لأضحوكة عند الناس، فغدا يمكن ان يصدر قرار في دولة ان جاسم المهلهل عضو في خلية كذا ويصدر بيان من دهاليز الأمن ويتهموا أي شخص بأنه عضو في خلية كذا.
ولكن الإمارات تحتل افضل التصنيفات الاقتصادية في المنطقة وتشهد نهضة عمرانية شاملة ودعائم ديموقراطية واضحة ومن حقها ان تحافظ على ما حققته من مكاسب بعيدا عن تغلغل او اختراق ديني من جماعة الاخوان المسلمين غيرها.
٭ لم يفكر الاسلاميون في يوم من الايام بأن تكون لهم هيمنة في الامارات، فهم اناس مسالمون بطبيعة الشعب الاماراتي من دبي ورأس الخيمة وغيرها، كل طبيعة أهل الامارات طبيعة مسالمة طيبة مالها أي صورة من صور الهيمنة وكل الإمارات الست أعطت ابوظبي الخيط والمخيط ولم يفكروا في شيء حتى تفكر مجموعة صغيرة ان تقوم بأي عمل ضد مصلحة بلادهم.
فرؤساء الإمارات لم يفكروا في الانفصال حتى تفكر مجموعة من الشباب متناثرين في الإمارات وهذا عبث بالتصريحات وبالكلام وسذاجة لا يقبلها طفل صغير، فحينما يخاطبني خلفان أو غيره بهذه العبارة فأنا اعتبره قد اذاني لأنه قد خاطبني بما يخاطب به طفلا في الابتدائي وحتى طالب المتوسط يرفض هذا الخطاب.
فالإمارات لا تستطيع ان تواجه ابوظبي فكيف لمجموعة شباب من امام مسجد وراعي بقالة واستاذ في الجامعة ان يشكلوا خلية؟ فإذا كان د.جمعان يمثل الخلية فكيف بالدكتور غانم النجار الاستاذ الجامعي الذي ليست له علاقة بالتوجه الإسلامي؟ هذا عبث.
النائب السابق وعضو حدس مبارك الدويلة كتب قبل ايام مقالا بعنوان «زكي بدر في الخليج» وتحدث خلاله عن عمل مجموعات من رجال الامن السابقين في عهد مبارك في بعض الدول الخليجية ويصدرون نفس المخاوف التي كان يصدرها النظام السابق في مصر من الاخوان، ثم تحدث عن علاقة عبد الناصر بالاخوان، مشيرا الى ان عبد الناصر استفاد في بداية ثورة 23 يوليو ـ او كما وصفها انقلاب 1952 ـ من شعبية الاخوان ومن الرئيس محمد نجيب المقرب منهم وحينما استتب لهم الأمر تخلصوا من الاخوان، كيف تنظر لذلك وهل مثل هذه السيناريوهات قابلة للتكرار اليوم وهل مع انها ثورة 1952 او انقلاب 52 كما وصفها الدويلة ؟
٭ ثورة او انقلاب هو مصطلح في ذاك الوقت اكثر من المضمون، وأنا أرى انها ثورة لان الملك فاروق انسحب، وفي النهاية هو مصطلح يمكن تجاوزه، وأرى ان المنطقة في ذات التوقيت والصراع مع اليهود وسيطرة الانجليز هو الذي أوجدت الثورة او الانقلاب، فلم تكن المشاكل الداخلية هي السبب وراء ذلك.
وهناك فرق بين امرين ان ما حدث في 25 يناير في مصر وتسليم السلطة للمجلس العسكري جاء بعد ثورة شعبية من الداخل، وكان الصراع في ثورة يوليو مع الانجليز وتدخلهم في الشأن المصري حتى في تعيين الوزراء ورئيس مجلس الوزراء.
اذن فالمعادلة مختلفة ولم يكن هناك عسكر واخوان، كانت ثورة 1952 حركة شعبية، الاخوان هم الاقوى فيها والضباط الاحرار كان كيانا فيها وتوالف هذا مع ذاك، والملك فاروق وجد انه في الاصل ليس مصريا ـ فهو في الاساس ألباني ـ وان محمد علي التف اصلا في وقتها على الثورة المصرية فقد كانت مهمته في ذلك الوقت محاربة الفرنسيين ولم يأت للاستيلاء على الحكم ولكنه استطاع بدهائه وبطيبة الاخوة المصريين ان ينحي الناس وآخرهم الاحرار، وفاروق يعرف انه ألباني وجده محمد علي قفز على الثورة والتحرر الشعبي والمعادلة طبعا تختلف عن اليوم اختلافا كاملا.
وثانيا لا اعتقد ان الامر كان مبيتا من عبد الناصر في الانقلاب على الاخوان في عام 1954بقدر ما كان عبد الناصر يسعى لفرض زعامته، فعبد الناصر كان عاشقا للزعامة ولا يهمه أي شيء حتى نفسه، وهذا هو السبب انه لم يكن له ثروة مثل باقي الحكام وهذه «جوعة» موجودة في الانسان مثل المال، وعبد الناصر كانت لديه هذه «الجوعة» للزعامة.
صراع عبدالناصر والإخوان
ولكن ما هو السبب الحقيقي وراء صراع عبد الناصر والاخوان من وجهة نظرك التاريخية؟
٭ سبب دخول عبد الناصر في صدام مع الاخوان ان الاخوان كانوا اكثر صدقا من الضباط الاحرار، فالضباط الاحرار كان هدفهم ازالة الملك المتعاون مع الانجليز من اجل ان يحكموا مصر، بينما الاخوان كان لديهم مشروع اسلامي.
هل تقصد احياء الخلافة الاسلامية وان تكون مصر عاصمة الخلافة الاسلامية بعد انهيار الخلافة العثمانية؟
٭ نعم، كان هدف الاخوان هو احياء الخلافة الاسلامية التي سقطت وتكون مصر عاصمة الخلافة وتعود كما كانت الخلافة الاسلامية، ولذلك لم يكن لديهم فارق بين الاستعمار الانجليزي والاستعمار الاميركي، فالاستعمار بالنسبة لهم كله معتد من الخارج.
بينما جمال عبد الناصر كان يريد الحكم والزعامة التي تعتمد على مشروع ومواءمات دولية، وهنا أكشف ما حدثني به الشيخ محمد قطب شقيق الشهيد سيد قطب والموجود في مكة ـ اعطاه الله الصحة والعافية ـ وهو يعتبر المفكر رقم واحد بعد سيد قطب، حدثني عن آخر لقاء بين عبدالناصر وسيد قطب حيث قال «في احد الاجتماعات نوه جمال عبدالناصر ايام محمد نجيب بأنه يمكن ان نتعامل مع الاميركان وانهم سندنا في المستقبل في صراعنا مع الانجليز، وانهم القوة القادمة في العالم».
فرد سيد قطب على جمال عبدالناصر قائلا «ايه يا ريس هو احنا نخرج الانجليز من باب وندخل الاميركان من باب»، وبدأ عبد الناصر يحاوره وانتهى عبدالناصر الى القول لسيد قطب «ان شاء الله نتحاور بعد الاجتماع» لأنه ربما لم يكن يعني الحضور من الضباط الاحرار ونجيب هذا الامر.
هل كان هذا اجتماعا يضم قيادات الاخوان والضباط الاحرار في بداية ثورة يوليو؟
٭نعم، وسيد قطب تناقش مع جمال عبدالناصر وقال له «ياريس احنا جايين لتحرير امة وليس لاستلام سلطة» قال له عبدالناصر «طيب طيب معلشي نتكلم بعدين»، وقال لي الاستاذ محمد قطب ان سيد قطب فهم من هذا اللقاء ان هناك مؤامرة ستتم.
ولذلك في حرب فلسطين الناس كانت واعية الى ان الصراع هو لاحياء مشروع اسلامي، والمصريون بطبيعتهم لا يحبون الدماء وحدثني سيد عيد احد قادة فصائل المجاهدين في حرب 1948 ـ يرحمه الله ـ وعاش في الكويت فترة طويلة وتوفي في بلده المنصورة ـ حيث قال «في صلاة الفجر صلى بنا الامام وكان رئيس الفيلق بسورة البروج فظننت ان هناك شيئا، فسألت الامام هل هناك شيء قال نعم: الاخوان اعتقلوهم والدور علينا والاخوان طلبوا منا الرجوع، فقلت له: كيف نرجع وهذه ليست مهمتنا فهل نرجع لنسلم انفسنا للسجون فرد علي الامام: دماء الشعب المصري يجب ان تحقن ولا يجب ان ندخل في صراع مع بعضنا فنحن جئنا لمقاتلة اليهود وهذه سياسة وفكر».
فالشاهد ان سيد قطب عرف ان الامر انتهى وان جمال عبدالناصر سيرتب مع الاميركان، ومن هذه اللحظة تجد ان الصراع بين الاخوان والاميركان صراع دائم، لذلك حرصوا كل الحرص على «تلبيس» الاخوان انهم عملاء لأميركا وحرص جمال عبدالناصر على إلصاق هذه التهم الواهية بأن الإخوان عملاء لأميركا.
وظلت المنظومة كما تراها الآن في الامارات بأن الاخوان عملاء لإيران وخلايا ارهابية خليجية، وكله كلام اعلامي، والسبب في ذلك الوقت ان الذي اعترض كان معترضا على المشروع الاميركي في ذاك الوقت، وهم الاخوان.
عبدالناصر وأميركا
ولكن لم يكن هناك مشروع اميركي للسيطرة على المنطقة او مشروع استعماري لمصر او غيرها فأميركا في ذاك الوقت لم تكن دولة استعمارية كبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول العالم، وعبدالناصر لم يخطئ في ذاك الوقت ان تحالف مع تلك الولايات المتحدة باعتبارها القوى العظمى، والرئيس السادات نفسه فيما بعد قال ان 99% من اوراق اللعبة بيد الولايات المتحدة الاميركية؟
٭ لا، لا، أنا لا أتكلم لماذا تحالف جمال عبدالناصر مع الولايات المتحدة الأميركية، أنا أقول لماذا اختلفوا؟ الآن الإخوان أصحاب مشروع اسلامي، اليوم المشروع الاسلامي يتطور ويمكن ان يحاور الولايات المتحدة الأميركية فهذه قضية ثانية.
فمن يقرأ كتاب الظلال والمعالم وهذا الدين وخصائص التصور، يعرف ان فكر السيد قطب لم يكن هذا الأمر، لأنه كان لديه مشروع اسلامي بغض النظر عن التحالفات او غيره، وبالفعل كان من حق جمال عبدالناصر ان يتحالف.
وجمال عبدالناصر لم يكن لديه بالفعل عداء مع الإخوان كإخوان، ويتضح ذلك حينما دخل جمال عبدالناصر في الوحدة مع سورية وذهب لدمشق حيث قامت الحكومة السورية بإخراج الإخوان كلهم من دمشق وغيرها ولكن جمال عبدالناصر قال: انا أريد الإخوان، واجتمع وقتها مع مسؤول الإخوان في سورية د.السباعي ـوهذا الاجتماع مثبت ـ وقال عبدالناصر «أنا ليس لدي مشكلة مع الإخوان المسلمين في مصر، لكن الإخوان عاوزين يزيلوني، وأنتم هنا في سورية ليس بيني وبينكم خلاف، فلماذا أوجد صراعا بيني وبينكم».
فالموضوع كان بالنسبة لجمال عبدالناصر انه زعيم، يبقى انه زعيم دموي وزج بالناس في السجون او ألقى صوت اسلامي حر في المعتقلات وأصّل العداء بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة الحاكمة والإخوان، هذه في النهاية كانت الزعامة.
والمعادلة في النهاية مختلفة فلا يمكن ان نقول ان العسكر اليوم يمكن ان ينقلبوا على الإخوان كما حصل بعد ثورة 1952، وعداء جمال عبدالناصر لم يكن انقلابا على الاخوان.
العسكر أسقطوا ثورة 52
بعض الكتاب والمحللين رأوا ان وصول الإخوان المسلمين بقيادة د.محمد مرسي الى رئاسة مصر هو عمليا انتهاء ثورة 1952 ونهاية حكم العسكر الذي استمر على مدى 60 عاما، وأيضا نهاية الصراع مع الاخوان وإبعادهم على مدى 60 عاما، كيف تنظرون لذلك وخاصة بعد خطاب الرئيس مرسي في التحرير وقولته الشهيرة «الستينيات وما أدراك ما الستينيات»؟
٭ لا أتصور ان ثورة 1952 كانت مشروعا وسقط هذا المشروع، فثورة 52 كانت ثورة تحرر من الانجليز المستعمرين، وحركة التحرر من الاستعمار لم تكن خاصة بمصر فقط في ذلك الوقت، ولكن كل الدول كان بها تحرر من الاستعمار ولكن بعضها كان بمبدأ «بالتي هي أحسن» كما حدث في دول الخليج، تسليم وتسلم وانتهت فترة الصراع بعد الحرب العالمية الثانية وقيل انه يجب ان ترجع الدول لحكم أهلها وتكون هناك معاهدات مع بعض الدول.
وفي حالة مصر كانت ثورة ضد الانجليز مثلما حدث ضد الفرنسيين في الجزائر والايطاليين في ليبيا، وهذه الثورة في مصر كان المراد منها اخراج مصر من الاستعمار الى التحرر ومن سيطرة الغرب الى سيطرة الشعب المصري والى وقف استنزاف أموال الشعب المصري من قبل الانجليز وتحويله للخارج الى تعمير مصر داخليا وكان هذا مشروعا.
ولكن مصر وخلال هذه الفترة الطويلة تراجعت كثيرا، ولم تسقط بوصول مرسي للحكم، ولكنها سقطت منذ فترة طويلة حينما دخلت في صراع مع شعبها، وسقطت حينما وصل الثوار الى منافسة الملك فاروق في سلطانه وملكه حينما أراد حسني مبارك توريث ابنه الحكم.
إذن فالعسكر هم الذين أسقطوا ثورة 1952، حينما أراد حسني مبارك توريث ابنه حكم مصر دون وجه حق، وإذا كان الملك فاروق قد ورث ابنه فهذا لأنه ابن سلالة ملوك، ولكن حسني مبارك أراد ذلك دون أي وجه، وثورة 52 سقطت منذ فترة طويلة وربما التزوير والتوريث هي «القشة التي قسمت ظهر البعير».
والإسلاميون والثوار كلهم لم يكونوا في بداية الثورة يطمعون في أكثر من ان يتنازل مبارك عن التوريث ويعيد الانتخابات المزورة «ويحطوه على رأسهم» وصوره في كل مكان، لكن قضى الله سبحانه وتعالى ان يفضحهم مثل صدام حسين، فقبل غزو صدام للكويت كان الناس كلهم «حاطينه على راسهم».
ويحدثني الاخوة في سورية ان زعيم حزب الله حسن نصر الله لا يوجد بيت في سورية الا وبه صورته قبل الثورة، وربما هناك بيوت في سورية ليس بها صورة الأسد لكن بها صورة نصر الله، وان أمره مقدم على أمر بشار الأسد وعامة الناس في سورية قالوا لي هذا الكلام. والآن لا يوجد بيت في سورية الا ويعتبر حسن نصر الله عدوا وقاتلا للشعب السوري، فالله لا يبقي الظالم ويكشفه، هذا قدر الله.
نصر الله ظالم
تصف حسن نصر الله بأنه ظالم لموقفه من سورية الآن؟
٭ نعم، فالمؤيد للظالم ظالم مثله، فحينما ترى حاكما يذبح شعبه ذبحا بالسكاكين وتدعمه بالمال والرجال فأنت شريكه بلاشك، فإذا قلنا ان بشار ظالم فكل من يدعمه هو ظالم مثله، هي معادلة لا تحتاج ذكاء من الناس.
ونعود لأصل حديثنا عن ثورة 1952 واعتبر ان هذه الثورة سقطت منذ أعلن جمال عبدالناصر الحرب على من كان معه، وسقطت يوم اعلن حسني مبارك التوريث، فمراحل السقوط كثيرة ولا يمكن ان نقول انه جاء عهد وسقط عهد، ورؤيتي للموضوع ان مصر انتفضت في عهد محمد علي ضد الاحتلال الفرنسي وازدهرت وأصاب الغرور محمد علي وبدا الانحدار الذي انتهى بخروج الملك فاروق وجاء جمال عبدالناصر ولديه مشروع وطني انحصر بعد ذلك بزعامة شخصية وبدأ الانحدار.
ثم جاء السادات ولديه مشروع تحرري وأبلى بلاء حسنا وأسقط اكبر منظومة دفاع في الشرق الأوسط كله، وأنا ذهبت الى هناك ورأيت بعيني انه لا يمكن ان تسقط إسرائيل بهذه السهولة لكنها تصميم وعزم من الله، ثم أطلق سراح السجناء والمعتقلين الذي لاقى قبولا كبيرا، وبعد ذلك لقدر من الأقدار أراد الله ان ينقذ السادات بالقتل قبل ان يفتضح أمره مثلما حدث مع حسني مبارك.
وقد يكون ترتيب قتله من حسني مبارك او مجموعة ثانية ومازالت علامات الاستفهام قائمة.
من قتل السادات
هل تشكك في عملية قتل الرئيس السادات وتتهم مبارك بالوقوف وراءها؟
٭ فكيف يدخل خالد الاسلامبولي في العرض العسكري بالسلاح المملوء بالذخيرة ويصوب باتجاه المنصة ويقتل السادات فقط من بين كل الموجودين، وبيد الاسلامبولي رشاش يمكن ان يرش به جموع الحاضرين خاصة ان من قتل وعذب واعتقل الإسلاميين هم مجموعة من الحضور العسكريين وليس السادات وحده.
هذا الحدث يطرح علامات استفهام وأنا ليس لدى يقين في ذلك، ولكن ظل السادات الى اليوم رمزا وزوجته جيهان السادات اسمها في شوارع المنصورة وغيرها من المحافظات والمدارس وغيرها أما حسني مبارك فأزيل اسمه مع كل شيء مثل محطة المترو والمدارس وغيرها، حتى اسم سوزان أزالوه من كل مكان أيضا.
فالسادات لم يدمر مصر مثلما فعل حسني مبارك الذي دمر مصر على مدى 30 سنة هي فترة حكمه، ذبح الشعب المصري والتدمير طال كل شيء في مصر.
بين النظام الملكي والجمهوري
فضيلة الشيخ، ردد البعض قولك بان النظام الملكي أفضل من الجمهوري ونسب آخرون ذلك إلى كتبك، فما صحة ذلك؟
٭ لا، انا لم اقل ذلك، والموضوع ليس متعلقا بالنظام الجمهوري او النظام الملكي، فالمهم هو موازين العدل فهي التي تعطي المؤشر بان هذا النظام صالح للبقاء والاستمرار او غير صالح لذلك، وهل يتبنى النظام الجمهوري او النظام الملكي المشروع الإسلامي، فمثلا النظام في مصر الان هو نظام جمهوري، فاذا تبنى المشروع الاسلامي وهو مشروع النهضة فهو مشروع اسلامي صالح في مصر التي يؤكد دستورها ان الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
إذن لا فرق إذا كان النظام ملكيا او جمهوريا المهم هو تطبيق العدل وثانيا ان يقوم هذا العدل على المشروع الإسلامي المحتكم إلى الكتاب والسنة النبوية الشريفة في مرونة هذه الشريعة السمحاء.
تشدد سيد قطب
كتب الشيخ محمد العنجري ان الشيخ جاسم المهلهل يروج لفكر سيد قطب في الكويت والخليج، ويأخذ البعض على فكر سيد قطب أنه فكر متشدد ويدعو للعنف، فبم تردون على ذلك؟
٭ لا اريد وانا في عمري هذا ان ادخل سجالا مع احد، ولكن سيد قطب ـ يرحمه الله ـ بلاشك انه صاحب ربانية وصاحب فكر وصاحب اصالة، ومنهج السيد في كل كتبه يعتبر منهجا سلفيا اصيلا.
ومن يقرأ في كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتابات شيخ الاسلام ابن تيمية وكتب سيد قطب لا يجد الا اختلافات العصر.
اذن انت تجمع بين سيد قطب والشيخ محمد بن عبد الوهاب وشيخ الاسلام ابن تيمية وانهم من نفس المدرسة الفكرية؟
٭ نعم، كتأصيل نجدهم متقاربين لكن مع اختلاف الزمن والمشاكل، فسيد قطب يرحمه الله جاء لمرحلة والامام حسن البنا جاء لمرحلة، فالامام حسن البنا حينما جاء كانت الامة مقسمة وموزعة ومشتتة فدعا الى وحدة هذه الامة تحت اطار الاخوة الاسلامية، وجاء وحارب ـ ان صح ـ وعالج اشكالية طرحها اتاتورك في المنهج العلماني وهي «ما لقيصر لقيصر وما لله لله» وعالج هذه المنظومة في الاصل الاول «والاسلام نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعا. فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة..». الى ان يقول «وهو دعوة صادقة وايمان صحيح سواء بسواء».
فعالج قضية التمزق بدعوة الى الوحدة في اطار الاخوة الاسلامية وان الاسلام نظام متكامل وليس مقسما، ومشى في هذا المشوار.
وجاء سيد قطب ووجد ان هناك اشكالية اخرى منبثقة من اشكالية التقسيم وهي قضية الالوهية، لان تعظيم الله سبحانه وتعالى هو المقصد الاساسي من القرآن الكريم الذي جاء لتعظيم الله سبحانه وتعالى باسمائه وصفاته في جانب الربوبية وعالجها القرآن الكريم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، واصبح الان تعظيم الله في الربوبية مستقرا، ربما تأتي عليها فترات يدخل عليها تشويش لكن الامة استقرت على تعظيم الله ـ جل شأنه.
وفي جانب الالوهية في زمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت هناك اشكالية وهي الاستغاثة بغير الله والذبح لغير الله والنذر لغير الله وهذه اشكالية في الالوهية، وفي زمن ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ نفس الاشكالية لكنها اقرب الى قضيتنا وهي الاحتكام لغير شرع الله.
وهو ما يسمى كما ذكره ابن كثير بنظام «الياسق» وهو الذي جاء به التتار كنظام بديل لاحتكام الناس للقرآن الكريم والحكم به وتحدث عنه ابن كثير في تفسيره وجاء احمد شاكر وفصل في هذا الامر.
وجاء سيد قطب وأسقط هذا الذي تحدث عنه ابن كثير وبينه شاكر في كتاب «الظلال» فمن يقرأ ابن كثير في هذه القضية ويقرأ في الظلال يرى ان هناك معالجة وشرحا لهذا الامر، اذن فسيد قطب لم يأت بأمر شاذ بل هو امتداد للسابقين.
ونفس الامر: كم عدد الاتهامات التي وجهت للدعوة الوهابية؟!، وهو نفس الكلام بأنها شديدة وتقتل الناس، وحتى ابن تيمية لم ينج من احد الا من مجموعة تلاميذ له منهم ابن كثير وابن القيم والامام الذهبي وكل مشايخ المذاهب حاربوه وكل مشايخ الطرق حاربوه.
ونفس الكلام على سيد قطب ـ يرحمه الله ـ فسيد قطب هو امتداد للمشروع التأصيلي، وهناك من قرأ كتبه وفهمها فهما خطأ وهذا يتحمل خطأ نفسه في الفهم وناس نسبت له كلاما او ما يسمى في الشرع بـ «لازم القول» وكما قال شيخ الاسلام ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ بأن لازم القول ليس بلازم وهو قول طائفة من اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.
التجديد والتجريد
قلت بأن التجديد أصبح مطلبا زمنيا يفرضه الربيع العربي، فماذا تقصد؟
٭ اولا، اريد ان افرق بين التجديد والتجريد، فالتجديد هو الذي اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله سبحانه وتعالى يبعث لهذه الامة كل 100 سنة من يجدد لها امر دينها، اذن فالتجديد لا علاقة له بأصول هذه الامة.
فلا نأتي اليوم ونجدد في اصول الفقه او التجديد في القرآن الكريم ومفهوم السنة _كما كان عليها سلف الامة ـ فالامة استقرت على الكتاب والسنة والاجماع كأصول متفق عليها.
اما القياس فهو امر مختلف فيه وان كان الراجح ان يدخل في الامور المتفق عليها.
ونقول ان التجديد ينطلق بالنسبة للربيع العربي من هذا الحديث، وهو من يجدد لهذه الامة امر دينها، فالدين قائم ولن تأتي الحرية والعدالة ولا النور ولا غيرها بدين جديد ومن يأت بدين جديد فهذا عبث وهو ما سمته التجريد لانه يعبث بالدين.
لكن هؤلاء في دول الربيع العربي اتوا للتجديد لان الدين شريعة ومنهاج لا يتغير وهو ايضا ممارسة عند الناس وهذه تحتاج الى التجديد، وليس اصل الدين.
ففي فترة من الفترات عطلت اسماء الله الحسنى وفي فترة من الفترات صفات الله وفي فترة قدم العقل على النقل وهناك فترات كثيرة ويأتي العلماء ليجددوا للامة، وجاء شيخ الاسلام ابن تيمية وجدد للامة وجاء الشيخ محمد بن عبد
الوهاب وجدد، والآن يأتي الربيع العربي ـ ولا نحصرها في الإخوان ـ ليجددوا للأمة حتى تخرج مما هي فيه الى ما ننشده.
التنظيم العالمي للإخوان المسلمين
ننتقل الى ما يثار بين فترة وأخرى حول قضية إحياء التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كيف تنظرون لهذا التنظيم ودور إخوان الكويت فيه وهل كنت شخصيا عضوا في التنظيم العالمي؟
٭ لا، لم أكن عضوا في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وليس في الكويت أي عضو في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وقلنا هذا الكلام كثيرا.
ولكن النائب السابق مبارك الدويلة قال اننا ـ كإخوان الكويت ـ انفصلنا عن التنظيم العالمي للإخوان بعد الغزو العراقي للكويت وموقف الإخوان من ذلك الاحتلال؟
٭ فرق بين ان تحضر اجتماعات او ان يكون هناك تنظيم عالمي كمنظومة لها توجيه على الأقطاب والأعضاء وهيكلية هرمية من الرأس على القواعد ومنذ ان وعيت بين 1966 و1967 لا أعرف ان هناك هيكيلة تملى على القواعد، قد يكون هناك اجتماع لممثلين للإخوان في مصر والسودان وليبيا والمغرب يجتمعون.
أين كانت تعقد هذه الاجتماعات؟
٭ كانت في السابق تعقد في لبنان أيام جمال عبدالناصر ثم في ألمانيا او تركيا او بريطانيا او في أي بلد يسمح لهم بالاجتماع وهذه ليست المشكلة، ولكن حينما يتم اتخاذ قرار او يتم التشاور حول مسألة فإن الأمر فيه سعة وليس فيه إلزام.
وهنا أذكر مثالين احدهما من أميركا والآخر من الخليج لتكتمل الصورة عند القارئ حول هذا الموضوع: ففي أميركا الإخوان في مجلس الشورى رأوا ضرورة ان يكون هناك تنظيم للإخوان في أميركا لأن العناصر الإخوانية كثيرة سواء كانوا أطباء او علماء وباحثين حتى في وكالة ناسا، وكلهم ـ ما شاء الله ـ عباقرة ولكن أصحاب العمل الإسلامي في أميركا قالوا ان منظومة أميركا الدولية والاجتماعية والقانونية تسع أمرا أكبر من تنظيم الإخوان المسلمين في أميركا فانشأوا «اتحاد المنظمات الإسلامية» في أوروبا وعددا من التجمعات في شمال أميركا وجنوبها وبدأت جميعها تعمل، والفكر الجامع لها هو «اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا» والتي لها تمثيل حتى في المجلس الأوروبي.
إذن فهذا ليس تنظيم الإخوان المسلمين فالتنظيم له هيكليته وآليته وعلانيته ومكاتبه.
إذن هذه المنظمات ليست من الإخوان المسلمين؟
٭ نعم ليست تابعة للإخوان المسلمين ولكن عناصرها يحملون فكر الإخوان ويذهبون للمرشد ويتحاورون معه وقد يكون لهم تمثيل حينما يجتمع مجلس الشورى ولكن ليس تنظيما وإملاء قياديا قاعديا وهذا ما يحدث في أميركا وأوروبا.
أما في الخليج وحتى على مستوى الدول العربية فكلها حينما وقع الغزو العراقي على الكويت رأينا الأستاذ مصطفى مشهور الذي أصبح بعد ذلك المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين رأيه ضد صدام حسين وكلام الأستاذ مصطفى مشهور ـ الله يرحمه ـ في الامارات حينما عقد اتحاد الطلاب هناك مؤتمرا وألقى مشهور كلمة قال فيها أجمل المفردات ضد صدام وطغيانه وضرورة إخراجه من الكويت.
وفي سورية انقسم الإخوان الى قسمين، قسم مع العراق باعتبار ان بيض العراق وأفراخه موجودون وقسم خارج سورية في أوروبا ضد العراق.
وفي مصر كان التوجه العام ضد الطغيان ولكن لم يكن لهم كيان قوي وكانوا محاربين.
وفي الكويت فإن البيانات التي صدرت من الإسلاميين ومن لجنة الفتوى التي شكلناها ـ وأنا كنت موجودا ـ أصدرنا فتوى بجواز الاستعانة ـ بل بضرورة الاستعانة ـ بالكفار لإخراج صدام حسين.
وأصدر بعض الإسلاميين في السعودية بيانا بعدم الاستعانة بالكفار وقد يكون هؤلاء منتمين فكريا للإخوان.
وهذه منطقة واحدة ومتلاصقة في الكويت والسعودية، وهناك اختلاف في الرأي والفتوى، فأنا شخصيا كنت ممن أصدر البيان بجواز بل وضرورة الاستعانة بالكافر لإخراج صدام حسين من أراضينا.
وأمر الاستعانة هنا ليس من باب الاستحسان ولكن من باب إزالة الظلم والطغيان وهو واجب، أما الجانب الشرعي في الاستعانة وعدم الاستعانة فهذا مبحث فقهي يسع الخلاف فيه ونحن هنا لا نتحدث عن جانب فقهي ولكن عن واقع وإسقاط الحكم على الواقع.
فقد يكون الإخوة الذين أصدروا رأيهم في السعودية كتبوا رأيهم داخل غرفة دراسية او قاعة جامعية وليس على الواقع.
والمقصد من ذلك ان هذين بلدان متلاصقان وهناك خلاف في الرؤى والفكر حول بعض القضايا بين الإسلاميين في البلدين، إذن فلو كان هناك هيكل واحد للإخوان فهل كنا نرى كل هذا التباين».
النهضة قادمة والأمة إلى خير إن شاء الله
خلال اللقاء تحدث العم د.جاسم مهلهل الياسين عن نهضة الأمة والصحوة الإسلامية، حيث قال «في الستينيات كنا نصلي الفجر هنا في مساجد الكويت 3 او 4 مصلين فقط، ولكن اليوم ولله الحمد أقل مسجد تجد 10 صفوف أو أكثر وفي إحدى المرات صليت الفجر في خيطان ووجدت المسجد ملآن بالمصلين من إخواننا الصعايدة والوافدين حتى نهاية المسجد»، فالأمة الى خير ان شاء الله.
علامات الاستفهام على قتل السادات لا تزال قائمة سواء كان مبارك هو الذي قتله أو غيره فكيف يصل الإسلامبولي إلى المنصة ويقتل السادات فقط من الموجودين ومعظم القيادات الأمنية العسكرية اعتقلت وقتلت الإسلاميين
ليس هناك تنظيم عالمي للإخوان بشكل هيكلي ملزم في قراراته ولكن اجتماعات لأعضاء في الجماعة من دول مختلفة كانوا يجتمعون في لبنان أيام جمال عبدالناصر ثم في ألمانيا أو تركيا أو بريطانيا أو غيرها