- الشطــي: دعوة الإسلام إلى عدم المغالاة لا تعني امتناع القادرين عن دفع المهر المناسب
- البـــارون: تصيـب الشـاب بالإحبـاط وخيبـة الأمل نتيجة قصـور الموارد المالية لديه
الزواج سكن ومودة ورحمة، كيف نتصور ان يكون الزواج نقمة؟ فاذا تزوج الشاب وكان مثقلا بالديون التي دفعها مهرا، فلن يكون في زواجه رحمة، ولكن سيكون هناك شقاء وبؤس وسينعكس على الطرفين.
مشكلة المهور بصفة عامة خاضعة للتقاليد الاجتماعية وكما يقول الحديث الشريف لا ضرر ولا ضرار، فاذا كانت المغالاة في المهور تؤدي الى عدم زواج الشباب وبالتالي يتسبب ذلك في الفساد والانحراف، فما رأى علماء الشرع والنفس والاجتماع في هذه الظاهرة؟
هدية وليس ثمنا
يوضح د.بسام الشطي رأى الشرع في اهمية المهر للعروس بقوله: من حقوق المرأة التي شرعها الاسلام المهر لقوله تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) وهذا اثبات الاسلام لحق المرأة وتكريمها، كما ان هذا المهر حق لها الا انه يجوز عدم المغالاة منه حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم «ايسرهن مهرا اكثرهن بركة» كما رغب القرآن الكريم في تزويج فقراء المسلمين ممن لا يملكون المال الكثير ولا يستطيعون دفع المهر الكبير، وقد وعد الله عز وجل اولئك الفقراء ان زوجناهم بان يغنيهم الله من فضله وذلك في قوله تعالى: (وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) وفي ذلك اشارة واضحة الى عدم تحبيذ المغالاة في المهور ومن الخير تخفيفها.
واكد ان دعوة الاسلام الى عدم المغالاة في المهور لا تعني امتناع القادرين والاغنياء عن دفع المهر الذي يتناسب مع امكاناتهم وبما يلبي متطلبات الزوجة وبما يتوافق مع المستوى الذي تعيشه فإن الله عز وجل يقول: (وآتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) وفي ذلك اشارة الى جواز دفع المهر الكبير للزوجة ولكن يبقى الهدي العام في تعاليم الاسلام هو التيسير والتخفيف في المهر سواء على الغني او الفقير.
واشار الى ما يقوم به الغربيون والعلمانيون من توجيه سهامهم الى الاسلام والنيل منه ومن نظامه الاجتماعي في موضوع المهر متهمين الاسلام بأنه اهان المرأة حين قرر لها مهرا يؤديه الرجل اليها، فحولها الى سلعة تباع وتشترى وجعلها جارية يملكها الرجل فيتصرف بها كما يشاء، ونرد عليهم ان من اكرام الاسلام للمرأة انه لم يجعلها رخيصة تباع وتشترى يحصل عليها من يريد دون ان يكلف نفسه عناء اي شيء، فإن من اكرامه لها ان اوجب على الرجل ان يقدم لها هدية من ماله الخاص كقيمة معنوية اكثر من كونها قيمة مادية، وليست ثمنا كما يدعي اعداء الاسلامي، وزاد: وحينما نقول انه يجب ان نتواضع في المهور وتيسيرها فإن هذا لا يعني اننا ندعو الى تحديدها وحصرها في قيمة معينة لا يجوز تجاوزها انما نحذر ان يتحول غلاء المهر الى عرف عام شائع لا ينعقد الزواج بغيره ولا تبنى اسرة الا على اساسه لان في ذلك ظلما كبيرا لمن لا يملك سوى القليل من المال فالله تعالى يقول (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) ويقول ايضا (لينفق ذو سعة من سعته).
واشار الى انه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد في كثير من الحالات ان المهر عبارة عن حفظ 10 آيات من القرآن الكريم.
ويقول د.خضر البارون استاذ علم النفس بجامعة الكويت ان سبب عزوف عدد من الشباب عن الزواج في سن مبكرة هو غلاء المهور وذلك حتى يتسنى لهم الادخار وتوفير المال الذي يستطيعون به ان يتقدموا للزواج وتكوين اسرة، فقد يتردد كثير من الشباب في الدخول الى هذه المرحلة خوفا من عدم القدرة المالية لتكاليف المهور التي قد تهدد ميزانيتهم او تحطم القدرات المالية والاقتصادية لحياتهم، وخاصة ان المشكلة لا تقف عند غلاء المهور وانما تتعدى في ذلك الى التكاليف الباهظة لحفل الزواج والشبكة، والهدايا وهكذا فقد يلجأ الشاب للاقتراض من البنوك لتسديد قيمة المهر او يستدين وبالتالي ينعكس ذلك في انخفاض دخله وميزانيته وينعكس ذلك على مستوى الحياة الاقتصادية، واضاف ان كثيرا من الشباب يؤجل زواجه الى مرحلة متقدمة من العمر حتى يستطيع ادخار وتوفير مبالغ المهر وتكاليف ليلة الزفاف وتوابعها، كما ان بعض الشباب يعزف عن الزواج بسبب هذا الامر او ان يفكر بالزواج من امرأة من دول اخرى خاصة ان الاجنبية لا تشترط المهر.
آثار سلبية
اما عن اهم الآثار النفسية السلبية نتيجة عزوف الشباب عن الزواج او تأجيله فقال ان ذلك يؤدي الى تأخير تكوين اسرة صالحة منتجة وانحراف الشباب الى السلوك غير المقبول اجتماعيا ولا يتماشى ذلك مع اخلاق الدين، كما قد تنعكس ظاهرة غلاء المهور على شخصية الشاب وتقديره لذاته بأن يلوم نفسه بأنه مقصر من الناحية المالية وليس لديه ما يستطيع ان يكون له اسرة فيصاب بخيبة الامل، فقصور الموارد المالية نتيجة تكاليف المهور مثل تدني الراتب نتيجة الاقتراض من البنوك او المؤسسات المالية او الاعتماد على الاهل في تسديد متطلبات الحياة المالية للاسرة كل ذلك يزيد من المشاكل التي يواجهها الشباب.
العلاج
اما عن سبل العلاج فقد اوضح د.البارون انه لابد لمن يريد الزواج دراسة الموضوع بكل جوانبه وابعاده، فالزواج رباط مقدس اوصى به ديننا الحنيف حيث قال الله تعالى (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وقال صلى الله عليه وسلم «من استطاع منكم الباءة فليتزوج» ولهذا يجب عدم الغلاء في المهور لان المهم هو الرجل الصادق الامين الذي يتحمل المسؤولية، فالزواج هو ادوار متبادلة بين الزوجين، كما ان للاسرة نظاما نفسيا يعبر عن ذات الانسان وهويته وكيف ينظر لنفسه وما توقعاته، فلذلك يجب الا ينظر الى الزواج كسلعة يتسابق الناس في غلاء ثمنها لان الاهم في تكوين الاسرة تبادل المشاعر الطيبة والاخلاق الحميدة والتعاون على حل المشاكل التي تواجهها بكل الطرق المادية والنفسية، فلا تجد لسنة الله تبديلا، كما ان هذا ليس من مصلحة الشاب والفتاة وقد يؤدي الى نقض دعائم السعادة التي ينبغي ان تكون بين الزوجين.