- الغانـم: نطالب بفتح باب المنافسة على مصراعيه والتسابق على الخير والبقاء للأصلح والبنـوك الإسلاميـة ليست حكراً على أحد
- الجميعــــة: نجــاح المصـارف الإسلامية رد عملي على المشككين في الإسلام وفي الاقتصاد الإسلامـي ومصارفه
نظرا لما حققته البنوك الإسلامية من نجاح لاستقطابها الجانب الأكبر من العملاء، اتجهت البنوك التقليدية الى فتح فروع إسلامية في كل منها تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية ووضع البنك المركزي أسسا وقواعد وضوابط تنظم نشاط هذه الفروع. فهل يجوز شرعا ان تقوم البنوك التقليدية بالنشاط الإسلامي بجانب نشاطها التقليدي، مما يؤدي الى المنافسة ووجود العراقيل أمام هذه الفروع؟ وهل يمكن لهذه الجهات الفصل في ميزانياتها وحساباتها وأرباحها بين المعاملات التقليدية وحسابات تلك الإسلامية؟ الإجابة يكشفها حصاد هذه اللقاءات.
صحوة إسلامية
أكد الباحث الشرعي د.جلوي الجميعة ان للمصارف دورا كبيرا ورئيسيا للاقتصاد فهي تحفظ الأموال وتنميها وتسهل تحركها واستثمارها ولها أهداف مشروعة ومحمودة، ولكنها تستخدم وسائل متعددة يتعارض بعضها مع أحكام الشريعة الإسلامية وأهدافها ومقاصدها.
وزاد، وقد أدرك العلماء وفقهاء الاقتصاد في عصرنا حتمية الاستفادة من العمل المصرفي ونشاطه ودوره في التنمية، ولكن بشرط ان تكون الوسائل موافقة للشريعة الإسلامية، ولا يخفى ان المصارف الإسلامية ثمرة من ثمار الصحوة الإسلامية التي عمت الوطن العربي والإسلامي، خصوصا ان الحلول الغربية للاقتصاد لم تجد نفعا لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الدول الإسلامية وغير الإسلامية.
فالمصارف الإسلامية تمثل جزءا كبيرا من الحل لهذه المشكلات من خلال تعاملاتها ووجودها في المقام الأول، فالمعاملات التجارية والمالية تتم عن طريق مبادلة الأثمان والعقود بعضها ببعض وهو ما يقوم به «المصرف» وهو المصطلح الذي عرف في كتب الاقتصاد الحديث.
وأضاف: وعندما نجحت هذه المصارف عند بدايتها بدأت بعض الدول الاسلامية بتطويع أغلب أعمال مصارفها لتكون مصارف إسلامية ونرى ذلك في تجربة باكستان وماليزيا والسودان وفي بعض دول الخليج العربي على مستوى المؤسسات المالية والتجار في تأسيس مصارف إسلامية نجحت نجاحا باهرا على مدى عقود مضت ومازالت مصارف ربوية وإسلامية
وفرق د.الجميعة بين المصارف الربوية وغير الربوية، فقال: لنتعرف على الغرض الاساسي للمصرف الاسلامي وهو ان تتوافق معاملاته المصرفية مع احكام الشريعة وان يجد البديل الاسلامي للمعاملات لرفع الحرج عن المسلمين (افغير الله ابتغى حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا)، وايضا الحرص على رعاية حقوق الله عز وجل المالك الحقيقي للمال ورعاية مصالح العباد وتأمين احتياجاتهم وكذلك السعي الى تنمية القيم العقائدية وتثبيت المبادئ الاسلامية لدى العاملين مع المصرف الاسلامي وذلك لتطهير النشاط الاقتصادي الحيوي من الفساد (أفمن اسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير ام من اسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين)، والعمل على تنمية الوعي الادخاري وتشجيع الاستثمار وعدم الاكتناز وذلك بايجاد فرص وصيغ للاستثمار تتناسب مع الافراد والمؤسسات المختلفة لقوله تعالى (واحل الله البيع) وقوله (لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم)، وكذلك توفير رؤوس الاموال اللازمة لاصحاب الاعمال من افراد ومؤسسات لاغراض المشروعات الاقتصادية وفقا لاحكام الشريعة، مع ايجاد التعاون والتكامل بين الوحدات الاقتصادية داخل المجتمع الاسلامي (وتعاونوا على البر والتقوى)، وايضا المساعدة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب الامة الاسلامية بكل السبل المشروعة بالتضامن الاقتصادي والتكامل الاجتماعي.
خصائص مميزة
وبين د.الجميعة مميزات وخصائص المصارف الاسلامية في الالتزام بالاحكام الشرعية الاسلامية في جميع الاعمال، وهو ما يحقق الانسجام بين العقيدة والشريعة والدين والدنيا والايمان والمعاملات والسلوك، فيشعر المؤمن بالراحة النفسية والطمأنينة الذاتية، فأعمال المصارف الاسلامية رسالة مالية وعبادة تقربية في تطبيق شرع الله وتجنب المعاصي والمحرمات والكبائر، لذا جاء نجاح المصارف الاسلامية ردا عمليا على المشككين بالاسلام وبالاقتصاد الاسلامي وبالمصارف الاسلامية.
واضاف: كذلك من مميزات هذه المصارف الاسلامية الاعتماد على نظام المشاركة في الارباح وتجنب الربا والفائدة وايضا النشاط الاجتماعي والثقافي ومراعاة القيم والاخلاق، ووجود الرقابة الشرعية لضمان التقيد بالشريعة واحكامها، كما ان الارباح توزع على شكل مكافآت لاعضاء مجلس الادارة وارباح للمساهمة من المودعين مع الاحتفاظ بالاحتياط.
أبعاد أربعة
واشار د.الجميعة الى ان المصارف الاسلامية ذات ابعاد اربعة، الاول بُعد اجتماعي كالزكاة والقرض الحسن والضوابط الاخلاقية في المعاملات وبعد تجاري كالمرابحة والاجارة، وبعد استثماري كالسلم والسلم الموازي وصناديق الاستثماري، وبعد تنموي كالمشاركة والمشروعات التنموية التي تستند إلى دراسات الجدوى.
بداية صحيحة
وحول الحكم الشرعي في هذه المسألة قال الباحث الشرعي صالح الغانم: قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، ومن منطلق الآية الشريفة يجب تشجيع البنوك التقليدية على التوجه للاستثمار في الجوانب المباحة شرعا، كالبيع والشراء في السلع والعقارات وعقود السلم والاستصناع وإنشاء وتأسيس المشاركات المشروعة في عقود المضاربة وغيرها.
وزاد: لا يجوز جعل استمرارها في الاقراض والاقتراض بفائدة حائلا دون استثمارها في الحلال، فهل يصح أن نمنع الحلال من أجل الحرام؟ وهل يصح أن نمنع رجلا مسلما من شرب الماء لكونه يتناول مسكرا؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
وحول رؤيته لقيام بنك بنشاطين أحدهما تقليدي والآخر نشاط إسلامي اوضح الغانم أن البنوك الإسلامية ليست حكرا أو حقا حصريا لأناس دون آخرين فالشريعة من عند الله من أخذ بها نجا، كما أن التفات البنوك التقليدية للأنشطة الإسلامية دليل نجاح لهذه الانشطة ولله الحمد، فيجب أن نفرح بذلك ولا نغتم، وطالب بفتح باب المنافسة على مصراعيه والتسابق على الخير والبقاء للاصلاح، واشار الى أن البنك المركزي قد وضع لوائح لتنظيم دخول البنوك التقليدية مقتبسة من الفتاوى الشرعية. وقال: نسأل الله أن ترى هذه الاستثمارات الحلال من قبل البنوك التقليدية النور قريبا لعلها تكون بداية صحيحة للتحول الكامل، حيث كانت البداية بتحول بنك بوبيان ثم بنك جابر والبنك الدولي، وأخيرا تحول بنك الكويت والشرق الأوسط وكل هذا دليل على زيادة الوعي بضرورة التعاون وفق الشريعة الإسلامية وصلاحية الاقتصاد الاسلامي ليكون هو المحرك لدورة المال في الكويت وفي البلدان العربية، ونأمل أن يكون فتح فروع اسلامية للبنوك التقليدية باعثا للتحول الكامل إلى النشاط الإسلامي.
المصارف الإسلامية في العالم
وأشار د.الجميعة الى ان البيانات التي جمعها الاتحاد الدولي للمصارف الاسلامية تشير إلى وجود أكثر من 176 مؤسسة مالية إسلامية حتى عام 1997 في القطاعين العام والخاص في الدول الإسلامية وغير الإسلامية، ويبلغ رأسمال هذه المصارف 7.3 مليارات دولار واحتياطيها 3.1 مليارات دولار وأصولها 147.7 مليار دولار، ويبلغ عدد المصارف الاسلامية في العالم 190 مصرفا تقريبا منها 9 في أوروبا وأمريكا و74 في الشرق الأوسط منها 21 في الخليج و35 في أفريقيا و82 في آسيا.
والعدد في ازياد مطرد وهو ما يدل دلالة واضحة على نجاح العمل المصرفي الاسلامي وحلوله بديلا عن البنوك التقليدية التي اثبتت فشلها وتأخرها وضعفها في تنمية مدخراتها وزيادة ارباحها في تعامل الاستثمار الاسلامي بشكل عام.