بقلم: فيصل عبدالعزيز الزامل
لكل بلد ملامح تميز شخصيته، وقد كانت غنيمة فهد المرزوق، يرحمها الله، معلما من المعالم التي ميزت شخصية هذا الوطن، كانت كثيرة الكلام بصمت، كان كلامها بالأفعال التي هي أبلغ من كل قول، إن شئت في أعمال البر والخير وإن شئت في الريادة، ففي وقت مبكر من عمر الكويت الحديثة، في عام 1964، أسست هذه الشخصية الفذة أول مجلة اجتماعية متخصصة في شؤون الأسرة والمجتمع، وإذا كانت الكويت اليوم تزخر بكثرة المتخصصين في شؤون تطوير الشخصية الذين يعقدون دورات ينقلون فيها أبرز التجارب من جميع أنحاء العالم، فإن هذه المسيرة البناءة قد بدأتها غنيمة المرزوق، يرحمها الله، وكانت مجلة «أسرتي» واحدة من مبادراتها، قناعة منها بأن الأسرة السليمة هي الأساس لمجتمع سليم وصحي، ولهذا حرصت «أم هلال» على مشاركة المرأة في العمل الخيري بشكل مؤسسي فأطلقت مبادرتها «طبق الخير» التي تحولت الى «قرى حنان ـ لبنان»، وتفاعلت مع حرب اكتوبر عام 1973 فقامت بتأسيس مشروع «ابن الشهيد» لرعاية أبناء شهداء تلك الحرب الوحيدة التي انتصر فيها العرب على إسرائيل.
القراءة الكثيفة، هي سر تلك الحماسة والابتكار لدى «أم هلال»، وبسببها كانت تبحث عن التميز في أعمال الخير، تحيطها أسرة كريمة شغوفة بمساعدة الآخرين وقد أخبرني من يعرف أعمالها الخيرية: «لست أبالغ إذا قلت لك ان هذه الأسرة تمثل نصف أعمال البر التي يقدمها الناس في هذا البلد»، ومع ذلك فمثلما قالت، يرحمها الله، في حديث نادر: «على الرغم من غنى الأسرة فقد كنا نلبس بحساب ونأكل بحساب»، فلم يعرف عنها وأسرتها الا التواضع الجم.. والعطاء، بلا منّ.
ومثلما أن البعض يتعامل مع الحياة على أنها «لعبة تجميع أرصدة».. يصبح ويمسي وهو يحسب على طريقة (جمع مالا وعدده) التي تنتهي بشكل مأساوي.. (ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به)، أما هي فقد اهتمت فقط بالأرصدة الخالدة، وكانت شغوفة – تحديدا - بالأنشطة التي تربي الأجيال، مثل:
٭ قيامها بتأسيس الجامعة القرغيزية عام 1991، في قرغيزستان، والتي خرجت عدة دفعات من الطلبة والطالبات.
٭ دار أيتام لضحايا تسونامي، إندونيسيا.
٭ سكن للأيتام في افريقيا، جيبوتي.
٭ معهد المعلمين، الصين.
٭ كلية للبنات، ألبانيا.
٭ كلية اللغة العربية، كشمير، باكستان.
٭ مدرسة في سراييفو.
يرحمك الله «أم هلال».. لقد كنت ملهمة للعاملين في العمل الخيري، تشجعينهم وترسلين من يتابع أعمالهم للوقوف على سلامة المسيرة، وكنت تقولين لنا «لا تلتفتوا ولا تترددوا، لا وقت لهذا كله، واصلوا المسيرة، واتركوا العمل يتحدث».
هنيئا لك بخاتمة الخير ان شاء الله، ونسأل الله أن يجعلك ممن قال فيهم (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) وأن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك في عليين، في الفردوس الأعلى بإذن الله.. آمين.
[email protected]