بقلم: فيصل عبدالعزيز الزامل
صحيح، لقد مرت بنا عهود استخدمت فيها الحصانة للحصول على منافع (.. وإلا..) ورأينا نوابا يذهبون الى المخفر، أو يتصلون، لإخراج محتجز في قضية جنائية، ورأينا بعضهم يتستر بها لقضاياه الشخصية المالية أو غيرها، بل وحتى لإعادة طائرة تحركت، فلما وصل متأخرا طلب اعادتها (..و إلا..).. هذا العهد السيئ هل سنشهد نهايته؟
يقول الخبر السعيد: «تقدم عشرة نواب بطلب إحالة المواد الدستورية المتعلقة بالحصانة النيابية لإزالة اللبس حول مفهوم الحصانة في ضوء قسم النائب على احترام القوانين واللوائح البرلمانية».. وبين النواب السبب لتقديم هذا الطلب، ويكتسب هذا الموضوع أهمية اضافية بالنظر الى العدوى التي انتقلت الى الشارع في وارد ضعف هيبة القانون بسبب ممارسات المتنفذين، أيا كان موقعهم في الدولة، ما جعل المراهقين يقلدونهم، والمرأة التي تضبط في ساعة متأخرة من الليل في حالة غير طبيعية ومعها صاحبها تتلفظ بعبارات نابية مع ذكرها لأسماء أصحاب نفوذ.. الخ، هذه العدوى تحتاج الى علاج بالقدوة من جميع مستويات السلطة، وليس النواب فقط، إلا أن ما حدث في السنوات الأخيرة من ممارسات، وقرب النواب من الناس جعلهم أول محطة في معالجة ظاهرة التعدي على السلطات، هذه الظاهرة يمكن تلخيصها بعبارة «المجلس سيد قراراته»، فما هو ممنوع بالأمس يصبح جائزا اليوم وبذلك تم اقتلاع مبدأ «استقرار التشريعات»، الذي هو الأساس في منظومة بناء أي دولة.
عندما كنا ندرس في الجامعة كان استاذ الحقوق يقول لنا «والحاكم لا يحكم بوضع غفير في كل حارة لضبط الخارجين على القانون، ده.. يحكم بالهيبة التي هي أكثر فاعلية من القانون»، ولا مكان للهيبة اذا جاء كسرها مدعوما بفهم خاطئ لمبدأ دستوري أصيل منح النائب حرية إبداء الرأي وممارسته لسلطاته الرقابية ومنع الدستور حتى النائب من التنازل عن هذه الحصانة الا بقرار من المجلس وفي الوقت نفسه رفضت لائحة المجلس مخالفة النائب لعناصر النظام العام، مثل الإخلال بالأمن والسكينة العامة بحجة حرية إبداء الرأي بالمخالفة لمواد الدستور.
الحقيقة ان مبادرة النواب الى ممارسة إصلاح العمل النيابي تمثل استجابة لمطلب شعبي يقرن بين اصلاح السلطة التنفيذية والتشريعية، معا، واذا كانت «التنفيذية» مناطة بجهة نطالبها بذلك الإصلاح واختيار أصحاب الكفاءة والأمانة، فإن اصلاح السلطة «التشريعية» يحتاج لمثل هذه المبادرات الشجاعة التي ستسجل للمجلس الحالي.
أكثروا من تقديم الأمثلة على تواضعكم أيها النواب، فإن من تواضع لله رفعه، اتركوا السفريات الباذخة والمميزات الفارهة التي أغدقها من سبقكم على النواب في فترات التصويت على كرسي الرئاسة، ما أدى الى استخدام البعض الحصانة وسيلة لتضخيم الأرصدة التي هي ليست بالرشاوى فقط، حيث يحتاج صاحب غسيل الأموال الى غطاء يتستر به، ثم تكون حصة «المحصن» هي العمولة المجزية، لقد انحرف النقاش في مناقشة هذا الموضوع نحو الرشاوى فقط، فضعفت فرصة كشف الحقيقة، والسبب أنهم كانوا يريدون «رأس غليص»، وليس الحقيقة!
[email protected]