سئل ادمون هيلاري، متسلق أعلى قمة جبل أفرست، ما الذي دفعك لخوض هذه التجربة؟
ألم تفكر في الذين حاولوا ذلك وأصبح مصيرهم الموت؟ فقال: نعم فكرت، ولكن كان علي ان أجرب، لأن الأنا كانت تدفعني، وكنت في تحدّ مستمر مع ذاتي، وكنت أشعر بالفشل والدونية باستمرار لأنني لم استطع ان أتسلق هذه القمة.
فقال أحدهم: ما الذي استفدته؟ فضحك هيلاري وهو يقول: أنا الأول، وإذا أتى بعدي من يكرر هذه التجربة فسيكون ثانيا أو ثالثا، ولكن دوما سأكون أنا الأول.
حين يضبط الإنسان رغباته وأهدافه دوما يستخدم حاسبة الفشل أو النجاح، لكن الأنا هي من تغذي الرغبة في النجاح وفي الوقت نفسه هي من تكون سبب فشل الإنسان، حين تفلت لها المجال ستناقض نفسها وستكون كالنار لا يرضيها ولا يشبعها شيء، إذا نجحت ستقول هل من مزيد، وإذا فشلت ستقول أنت مسكين، إذن كيف نتخلص من الأنا السلبية؟
البساطة دون تكلف تسمح لنا بتحجيم أثرها السلبي ونمو جانبها الإيجابي، فحين تتمتع برضا وسكون، وتستمتع بالموجود، ستعود الأنا لمكانها الصحيح المتوازن الذي يشحن طموحك وليس انفعالك، وجودك الحقيقي وليس وجود الآخر.
لا تعط الأمور أكبر من حجمها، ولا تقارن ذاتك بغيرها.
سئل حكيم: كيف نكون عادلين مع أنفسنا؟ فأجاب: اذهب وأحضر إناء به ماء ومن ثم حاول ان تمشي على أطراف أصابعك وهو فوق رأسك دون ان ينتثر الماء. قال: لكنني سأفقد توازني، وربما سقطت، وسقط ما معي، فابتسم الحكيم وقال: هذا هو الجواب، حين تبحث عن الاتزان لن تجده، لابد ان تتوازن في رغباتك وأفكارك حتى توزن المعيار لما ترغب وتحتاج، لكي نخرج ذاتنا من دائرة الشقاء إلى النعيم وتقدير قيمة كل شيء دون ان ننتقص من قيمة أنفسنا، أو يحركنا دافع يتغذى على قوتنا.
حين ضاقت عليه الأحوال اضطر إلى ان يبيع سيارته الفارهة ويستقل سيارة تمشّي الحال، في البداية، كان هناك صوت من داخله يقول: أنت تركب هذه الخردة؟ أنت!، واستمر هذا الصوت ينغص عليه حياته حتى جعل الأمر يتعقد والضائقة المالية تتحول إلى نفسية، أصبح عنيدا لا يرضى بالقليل ولا يتقبل ما هو فيه حتى ازدادت مصروفاته ولم يستطع تسديد ديونه لأنه لم يتقبل الهزيمة، وهذا ما تفعله الأنا، فهي تضخم وتبالغ في المواقف لتجعلنا في عراك مع الداخل، إما ننكرها فتزداد أو نصبح ضحية عدم تقدير للعواقب.
حين تكون في وقت صعب، ويقول لك صوت من الداخلانهض، أنت تستطيع، فالأنا هنا تعمل بشكل صحيح وفي مكانها الذي وضعت من أجله.
«أنا أفكر إذن أنا موجود».. ديكارت.
Dr_ghaziotaibi@