«لايزال المرء عالما، ما دام في طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم، فقد بدأ جهله».
في تهافت مستمر حول كيفية إيصال المعلومة تبقى الصورة عند الطرف المقابل دوما مغلوطة، مهما تكلمنا يصبح الكلام مضيعة للوقت والجهد، إذا حدثته بما يعقل عليك تجبر، وإن ناقشته في موضوع كان الهجوم، سيد الموقف، هذه العقليات موجودة للأسف في حياتنا اليومية، وما يحركها هو السراب لن تجدها في المواقف الجدية تحرك ساكنا، رأيها مهزوز وفكرها لا تحكمه ضوابط، وإذا ناقشتها في أمور صار الهجوم سلاحها الوحيد، لأنها تخاف التفكير وربما نشأت في بيئة تمنعها عن السؤال، ويثير حفيظتها الخوف من المعرفة!
من هنا، ظهر مصطلح مدعجي، وهو شخص يدعي انه مقطع السمكة وذيلها في كل نقاش، تجده يقول نفس الكلمات دون تجديد رافضا دون سبب، وقابل دون فهم، معلوماته لا تتعدى عناوين الأخبار في الجريدة التي يفترشها ليضع عليها الإفطار، يأخذ القشور ويترك لب الموضوع، ثرثارا يعور رأسك، فلا تقوى على مجاراته لا يقول لا أعرف فهو ينظر لذلك، على انه إهانة لتاريخه الحافل بالجهل، تجده ينسجم مع الزقمبية، والمصلحجية والطرطنقية، فكل واحد منهم يكمل الآخر بمحدودية أفكاره وعطائه، ومع تطور الحال أصبح لكل واحد منهم مكان في صناعة القرار، ولا تسأل كيف؟ فأسلوب المراوغة لديهم يجعلهم لا يعرفون لليأس طريقا، وهذا ما يجعلهم في منطقة الضوء، إصرارهم على ان يكون صوتهم مسموعا، يجعلهم يجربون جميع الطرق المشروعة وغير المشروعة، في الوصول لمنصة الإلقاء، وحين يحصلون على هدفهم يصبح كل واحد منهم يزيد الشيلة، فتجد من يبتكر أساليب جديدة في طرح ما عنده، ويتفنن في تضخيم العبارات ويتحدث بصيغة الجميع، فتصبح عباراته المفخمة مفخخة بالكثير من الجهل.
ما أكثر من يبيعون لك حكيا ويشترون ثقتك بهم وصوتك، لتوصلهم لمكان وبعدها تصبح رؤيتك لهم بالأحلام، فلا يفتحون بابهم لمن كان.
«ليس للبطن الجائعة، أذن تسمع» مثل انجليزي.
الجوع قد يكون جوع معرفة أو جوعا للمعرفة، والفرق ان جوعك للمعلومة قد يجعلك تحشو ذهنك بما تجده أيا كان، ولكن جوعك إليها قد يرغمك على الاصطدام بما يحول بينك وبينها، ومع من يختلف معك أو عنك فالتزمت يجعلك جاهلا، حتى لو كنت عالما.
لأن همك، سيكون ليس الصح، بل ان تكون على صح حتى، لو على حساب ان تزود وتنقص وتبهر المعلومة.
الفرق بين من يعرف ومن يدعي، مثل الفرق بين من يبصر ويغمض، الأول يحركه النور، والثاني الظلام.
من يظن انه عالم بالشيء فقد يفقد أهم أداة لديه وهي التجدد بما يعرف، فلا يعود قابلا للتغيير، تجده متحجرا بفكر قديم، وذلك يجعله عرضة، للكثير من الوقوع في دائرة الظن فتستحكمه انفعالات وتفنده أوهام.
المعرفة بحر، كلما غرفت منها، ازددت عطشا إليها، في أي موقف من مواقف الحياة، لا تظن ان ما تعرفه كفاية، بل ابحث عن الزيادة فالكثير لن يضرك، لكن القليل سيحد من قوتك.
@Dr_ghaziotaibi