معنى كلمة فساد: هو الاضطراب والخلل، ويقول المولى عز وجل في كتابه العزيز (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس).
وأي عمل يفتقر إلى المسؤولية ومراعاة الحق فيه يصبح فسادا، فكلما قل حس التواصل بين الحق والباطل أصبح الإنسان بارعا في إيجاد الأعذار لنفسه ليبرر فعله ويجد طريقة يخرس بها ضميره.
الحق العام هو الأصل في توازن أي مسؤولية ولكن حين تكون المصلحة الشخصية فوق كل اعتبار يبدأ بناء هذه المسؤولية في التصدع والانحلال ليتفشى الفساد في كل تعاملات هذا الإنسان.
أول الفساد المحسوبيات، هذا ابن عم وهذا صديق وهذا له باع طويل وذاك سنحتاج له في يوم، حين يتطلع الإنسان إلى خدمة مقابل خدمة يبدأ بالخروج عن المسار المتزن الصحيح لتحقيق العدل والمساواة إلى الظلم فينشد هذا المسؤول مصلحته أولا حتى يصبح جاهزا للتبرير والأعذار وفنانا في انتقاء الشعارات الوهمية، يبدأ من قول «هذا حقي» لينتهي بسلب حقوق الآخرين.
لو تمعنت في نفسية الفاسد لوجدت انه وصولي يصل لمنصبه بالوعود والأوهام التي يبعثها للناس والشعارات المثالية البراقة التي تخطف الأنظار.
وإذا غصنا أكثر في نفسية هذا الفاسد فسنجد أن الدافع دوما شخصي والتطلع الى مصلحة فردية، لذلك ينخدع الناس بمثل هؤلاء الأشخاص ويقعون ضحية الوعود.
ويصبح الدرس المنشود هو الاختيار الصحيح للمسؤول دون النظر إلى ما سيعطينا هذا الشخص بقدر ما سيمنح من فرصة لتحقيق العدل والمساواة.
الفساد يبدأ من عندك من اختراقك للأنظمة وتأخرك عن العمل ومن أبسط الأمور السرعة في القيادة وقطع الإشارة.
لو أن كل إنسان بدأ من نفسه سيصبح الجميع قادرين على التصدي لمثل هذه المشاكل.
لكن حين نريد مسؤولا صالحا ونحن أنفسنا مقصرون، سيكون من الصعب مواجهة ذلك لأننا نفتقر إلى الوعي بما لنا وما علينا.
يحكى قديما أنه كان هناك تاجر يغش في المكيال وسئم الناس مجادلته بخصوص ذلك لكنه كل مرة كان يقلب الطاولة لصالحه ويتمكن من خداعهم.
اعتاد الناس ذلك الجشع وأصبح الخيار الوحيد هو عدم مناقشته والشراء منه دون جدال، ومع الوقت أصبحت الناس تعتاد على الغش والفساد الإداري في المدينة فصارت طاقتهم على رفض هذا الظلم تقل شيئا فشيئا حتى تفشّى الفساد بينهم.
وفي يوم من الأيام قرر رجل صالح أن يمر على هذه المدينة ليبيع بضاعته، وحين نادى بثمن مناسب رمته الناس بالحجارة ونعتوه بالغش والخداع وأن بضاعته فاسدة واضطر الى أن يبيعها بثمن زهيد، لأنهم تعودوا على الفساد فما أصبحوا قادرين على التفرقة بين الصالح والفاسد.
وهذا بالضبط ما يحصل حين يكون التعود على الفساد يغلب الرغبة في الإصلاح.
Twitter @Dr_ghaziotaibi