في أسفل الوادي ممر ضيق، تبكي عليه وريقات الشجر..
هنا حيث يتقاطع حزن الطبيعة مع فرح الماء بمخاضها الجديد الى عالم أوسع..
يصبح التيار معتدلا أحيانا، ويهمس للأغصان على ضفاف النهر أنه لا لقاء بعد اليوم..
لكن الصوت..
صوت الماء مختلف، وغير مألوف كعادته..!!
يشبه صوت بكاء رجل حزين..
في أعلى الجرف طائر كان قد وصل أمس من هجرته الربيعية، يقطع كل سنة آلاف الكيلو مترات لا لشيء سوى أن مورثات من سبقوه تأخذه الى هناك..
أما نحن..!!
ولدنا في أوطاننا وأورثونا الغياب ليس الا..
لم نقدر أن نحافظ حتى على مورثات الحنين كما اللقلق..
ينادي البحر بوسايدن كل يوم: يا أبت ترى متى أعتق من إعادة نفسي وتعذيبها..؟
متى أجف كما أخي النهر وأختي البحيرة..؟
كرهتني الأسماك وكرهني القبطان وكرهتني الرياح، انا وحيد غير قادر الا على القتل..
بداخلي آلاف الأشخاص وآلاف جرائم القتل يوميا..
هل سأحاسب عليها عند نهاية الكون..؟
في أعماق أعماق ما يحدث يهاجر سرب من الاسماك الصغيرة من طرف المحيط الهندي الى القطب الجنوبي فتسأل احداهن امها: الى اين نسبح..؟
تجيب الام: سمعت ممن سبقونا انه على الجهة المقابلة من الكون هناك قارة لا احد يسكنها، باردة برود الأعماق وتلبس البياض لونا..
وبعد شهرين من السباحة، وصلوا ضفاف القطب ودخلوا مغارة كبيرة..
ثم حل الظلام..
تسأل السمكة أمها مرة اخرى: أين نحن..؟
تقول الأم: حيث قدرنا ان نكون..
وجبة صباحية لبطريق او حوت ازرق..