محمد الشريجة
قبيلة الرشايدة شهد لها المؤرخون بالعراقة والاصالة وأثبتوا انها الوريث الشرعي لقبائل عبس ونحن لسنا هنا بصدد مناقشة عراقة قبائل الرشايدة الموجودة بأكثر من عشر دول في أقطار متعددة وبقارتين.
ولكن يهدف هذا المقال إلى مناقشة منظمة عبس العالمية والتي تحمل في طياتها أهدافا اجتماعية، وتاريخية، وثقافية.
فمنذ سنوات يعمل القائمون على هذه المنظمة على شرح وجهة نظرهم وأهدافهم وتطلعاتهم التي تتسم بالابعاد التحولية التي ذكرت في علم الاجتماع على انها مفاصل تاريخية قلما تتكرر.
ومن هذه الابعاد البعد الاجتماعي المتمثل في المبدأ التكافلي بين ابناء القبيلة متجاوزين بذلك الحدود المكانية والزمنية التي تحمل معنى العطاء والبذل.
وكذلك تهدف هذه المنظمة إلى تحمل عناء الدفاع عن المظلومين من أبنائها في بعض الدول وهو ما يمثل مبدأ الاتحاد الذي تسعى إليه كل الدول والمجتمعات لمواجهة التحولات العالمية والثقافية.
وكذلك هناك بعد مهم جدا وهو البعد التاريخي والذي يمكن لنا تلخيصه بمحاولة إعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي.
وهذه الأبعاد ستقود بلا شك القبيلة من العشوائية في العمل إلى النظامية التحولية المستندة إلى أهداف واضحة ومحددة وإستراتيجية مناسبة.
وما سنقوم بتحليله بهذا المقال هو البعد الاجتماعي الذي تتبناه هذه المنظمة والذي سيكون وبلا تردد أساس نجاحها لتحقيق الأهداف السياسية والثقافية.
ففي لقاء تم بالكويت وبمشاركة موسعة من ابناء القبيلة، تطرق مبارك الدويلة وهو احد مؤسسي هذه المنظمة الى البعد الاجتماعي بشكل لافت للنظر، فحينها قال: نحن نهدف إلى مساعدة إخوان لنا بالدين (بعد ديني) وبالعروبة (بعد قومي) وبالنسب والقربى (بعد تاريخي).
وبقليل من التحليل ندرك ان المنظمة تهدف الى مساعدة أبنائها لرفع الظلم الواقع عليهم في بعض الدول أمثال السودان وإثيوبيا واريتريا وكذلك السعودية.
والذين يدفعون ضريبة خلافات سابقة مع بعض الأنظمة الحاكمة في حقب تاريخية ماضية أمثال الأشراف والأتراك.
وهذه المنظمة التي ترفع شعارات متعددة وأهدافا سامية من اجل توحيد الصفوف.
إنما تقوم بحركة تحولية كبيرة تدفع المتخصصين إلى النظر بشكل دقيق لمثل هذه التحولات التاريخية التي تستهلك وقتا وجهدا كبيرين من اجل تحقيق أهدافها.
وهنا نتطرق إلى الاختبار الحقيقي الذي ستواجهه هذه المنظمة والذي سيكون معيارا أساسيا للتنبؤ بمدى نجاحها وهو يتمثل في تجنب أخطاء الماضي وانتهاج نهج ديموقراطي يكون نموذجا مثاليا للآخرين لمساعدتهم على تبني استراتيجيات تساعدهم على مواجهة التحولات السياسية والأيديولوجية، والتي دفعت الولايات المتحدة الأميركية إلى مصافحة ودعم أبناء القبائل في شمال العراق للعب دور محوري ومهم بالحياة السياسية، وكذلك يجب ألا نغفل حقيقة ان الولايات المتحدة الأميركية اعترفت بقوة التواجد القبلي في أفغانستان من خلال دعمها للرئيس الأفغاني الذي ينتمي إلى قبائل البشتون.
وهنا يجب علينا ملاحظة هذا التحول الكبير الذي تقوم به قبيلة الرشايدة.
والذي لم تغفله أميركا وبريطانيا من خلال بدئهما بدراسة هذه القبيلة والتعرف على قوتها.
ومثال ذلك سعي باحثة متخصصة في علم الاجتماع إلى دراسة هذا الحدث وكذلك دفع مشروع جوشيا إلى تخصص دراسة ميدانية للتعرف على هذه القبيلة.
وكذلك استبق الباحث ويليم يون الأحداث بتنبؤه لهذه القبيلة بعلب دور أساسي في الوسط الافريقي من خلال كتاباته ومعيشته بين ابناء القبيلة بالسودان.
وأخيرا نطرح هذا السؤال الذي يحتاج إلى إجابة واقعية ومتأنية، هل تستفيد الدول التي تسكنها قبيلة الرشايدة من هذا التحول للاستفادة منه لمواجهة بعض الظواهر الاجتماعية والمادية التي تحتاج الى معالجة فورية ومستعجلة مثل الفقر والأمية؟