مع ثورات الربيع العربي المنتشرة في معظم أرجاء الوطن العربي الممتدة من المحيط حتى الخليج وبتعريف آخر من نواكشوط حتى الكويت.
استوقفتني أشياء كثيرة بداية من المواطنين البسطاء الكادحين للحصول على لقمة العيش في أوطانهم ومرورا بالمواطنين الغارقين بالعسل في أوطانهم وكذلك الجالسون معهم على شاطئ العسل من المنافقين وماسحي (الجوخ) ممن أرادوا العيش في أوطانهم بمذلة ولو كانت مذلتهم تلك هي التي خلقت طواغيت الأمة!
مع ثورات الربيع العربي توقفت إلى تلك البقعة الغائبة حاليا والحاضرة دوما فيما مضى من عمري (قضية) كانت بالنسبة لي على الأقل حلما راودني نمت مع أوجاعها واستيقظت حالما بانتصاراتها لأعيش انتكاساتها انتكاسة تلو انتكاسة ولم تغب عني للحظة!
في المدرسة كانت موجودة وفي طابور الصباح كنت أقف كما ألوف وألوف الطلبة أحيي أمة واحدة وأخص قضيتها بالتحية!
ولا أملك كغيري من أبناء جيل كامل سوى إلقاء التحية حتى نحترم أنفسنا على الأقل.. فما لنا إلا التحية، وللتحية عملنا!
وفي الفصل ندرس وعد بلفور وإلغاءه لشعب كامل واغتصابه لأرض ونردد شعرا يناجي صلاح الدين ليقوم ففلسطين اغتصبت واستبيحت، فلم لا يقوم فالأمة عاجزة.. تنتظره ليقوم؟!
وفي المنزل كنت استمع لحديث والدي رحمه الله وحكاياته عن حرب فلسطين عام 1948 ونشوة الانتصار في صوته احيانا ونبرة الانكسار تارة فحسرة الهزيمة المفتعلة في النهاية!
بين شريط الذكريات تلك وبين ما تحققه ثورة الربيع العربي حاليا تناغم عجيب غريب يصل لأعماق نفسي ويحيي فيّ ما كان وما سيكون!
ما عجزت عنه امتنا وما عجزت عنه أحلامنا وفي أمة غابت في داخل السنين مرغمة لا حول ولا قوة لها وبين أمة قد تصحو من بين السنين لتقود الامة من جديد!
ولم.. لا؟ فكثيرون هم المحبطون فلن أكون منهم ولن أقول: أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة!
ولن أقول: قومية عربية!
ولن أتذكر أن هناك جامعة للدول العربية كل إنجازاتها شارع في قلب القاهرة جمع فيه سواح العرب بينما فرقتهم براميل الحدود!
ولن أتذكر حروبا شاركنا فيها كضيوف شرف وكانت بمجملها حروبا شرفية لم ترتق لتكون حروبا تحريرية!
فقط.. سأتذكر أنني عربي وفي الاسلام كانت عزتي وفيه تعود أمتي العربية. فالربيع نعيشه الآن ونحقق من خلاله حريتنا وأحلامنا في أوطاننا حلم تلو الآخر ولا يقف ولن يتوقف وحتى نصل للحلم الأكبر.. ولم لا؟ ففلسطين هي القضية وما عداها لا يرقى أن يكون قضية!
email: [email protected] - twitter: @m_alsaeidi