نجاة الحجي
ان يترك المرء منا بيته وأهله في أحلك الظروف، وأن تكون اجازاته محدودة بل وأحيانا تلغى لظروف عمله، فيترك أطفاله يشكون غيابه عنهم، وان تتغير مواعيد عمله بين الليل والنهار فلا يملك ان يحدد لنفسه نظاما ثابتا لحياته يسير عليه، وان يتعامل مع أعقد وأسمى المخلوقات ليخفف عنهم آلامهم فإن ذلك يستحق منا ان نقدر هذه الجهود ونراعي تلك التضحيات.
فبعد ان كثرت المهرجانات الخطابية وتعالت الأصوات المنادية بتحقيق مطالب الأطباء واقرار كادرهم، فلا نملك امام ذلك الا التضامن مع هذه المطالب نظرا لعدالتها، رغم ان الكادر وما يطالب به هؤلاء الأطباء لا يعوضهم عن بقائهم رهن الطلب وهم بين أبنائهم، وما ان يطلب أحدهم للحضور الى المستشفى الا ونجده يسرع في تلبية النداء.
اننا نضع أنفسنا بين يدي الأطباء، نأمل منهم التعاطف مع آلامنا، ونحثهم على الاسراع في ازالتها، فهل نملك أغلى من حياتنا؟ اذا كنا نستأمن هؤلاء الأطباء على أغلى ما نملك فهل نستكثر عليهم بعض المطالب المستحقة؟
لقد سلك الأطباء طرقا متعددة لعرض مطالبهم، وأشركوا معهم اخوانهم من نواب مجلس الأمة إلا ان مطالبهم لم تقر الى الآن، وبعد ان أعلن الأطباء عن استعدادهم للاستقالات الجماعية واقدامهم على الاعتصام الأحد المقبل في مجلس الأمة، فماذا ننتظر؟ ان هؤلاء الأطباء لم تكن جهودهم المضنية وليد اللحظة فقط، لكنهم بذلوا الغالي والنفيس على مدار حياتهم العلمية حتى وصلوا الى هذه الدرجة العلمية، ثم نعود فنتركهم ليكونوا أقل في المستوى المعيشي ممن لجأوا الى الواسطات وتقلدوا مناصب لا يستحقونها، بل وأقل من غيرهم من أصحاب المهن.
انني اناشد الحكومة تفهم مطالب هذه الفئة العزيزة علينا، فلن ترتقي الخدمات الصحية بالاجهزة والمباني اذا كان العنصر الأهم والفعال والمتمثل في الأطباء غير مهيأ للارتقاء بهذه الخدمات نظرا لعدم تقديرهم والانتقاص من حقوقهم.
اننا نسعى الى اللحاق بركب التقدم في شتى المجالات، فلا يجب ان نضيع وقتنا وجهدنا في قضايا بعيدة عن الهدف، خاصة اذا كانت لا تحتاج الى المماطلة، لكننا ندعو جميع الأطراف الى الحوار والاتفاق ووضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار.